العودة للصفحة الرئيسية

يمكنكم تحميل النص الكامل للمقابلة على الرابط التالي:

تتضمن الحلقة الثانية عشرة من برنامج "لقاءات مع جوليان اسانج" حوارا مع أنور ابراهيم زعيم المعارضة الماليزية الذي تحدث عن القيود الكثيرة التي تفرضها السلطات للحيلولة دون إيصال وجهة نظر المعارضة الى الشعب. وقد تعرض أنور ابراهيم مرارا الى الملاحقات ودخل السجن بتهم ملفقة بغية إبعاده عن الساحة السياسية . وبرأيه ان " الربيع العربي" سيصل الى بلدان جنوب شرق آسيا وسيكون هناك " ربيع ماليزي" أيضا. كما يعتقد ان الولايات المتحدة اليوم بعيدة عن مبادئ الحرية والديمقراطية الامريكية التي دعا جيفرسون ولنكولن .ولا بد من وضع حد لذالك النفاق المبني على مفهوم الدبلوماسية والذي لا يرتكز على الحقيقة أو الأخلاق أو المعايير الأخلاقية ولكن على القوة الغاشمة والمصالح الضيقة حصرا.

أسانج: هذا الأسبوع أستضيف زعيم المعارضة الماليزية أنور إبراهيم ... تصاعد نجمه كمنافس لرئيس الوزراء السابق مهاتير محمد ... وسجن أنور لمدة خمس سنوات بعد أن لطخت سمعته بمزاعم جرائم جنسية ... ونتيجة لحملة شعبية في العام 2004 .. تم إلغاء إدانته وأطلق سراحه من السجن ... في العام 2008، استهدف مجددا بالزعم أنه قام بارتكاب جرائم جنسية .. وربح القضية في وقت سابق من هذا العام ... ومع الانتخابات المقبلة التي تلوح في الأفق في ماليزيا .. أنور أصبح مرشحا للفوز ... لكنه يواجه الآن تهمة التجمهر غير المرخص ... وإذا تمت إدانته، سيتم منعه من الترشح للانتخابات ... أريد أن أعرف منه كيف تجاوز كل تلك الصعوبات وكيف يرى المستقبل بين آسيا والغرب.

أسانج: أنور إبراهيم ... كنت ناشطا طلابيا منذ وقت مبكر في ماليزيا وسجنت عندما كنت شابا ... هل يمكن أن تخبرني قليلا عن نموك السياسي؟ لقد سرت في طريق طويل من كونك شابا ناشطا في السياسات الطلابية إلى نائب رئيس الوزراء .. وبعد ذلك تم وضعك في الحبس الانفرادي .. لتخرج بعدها وتعيد إحياء نفسك كأحد زعماء المعارضة.

أنور: أولا تم اعتقالي لدعمي المزارعين في الشمال، والمطالبة بنفس المعاملة لهم، معاملة أكثر عدلا من الحكومة ... أمضيت سنتين في الاعتقال من دون محاكمة. في وقت لاحق عندما أصبح محمد رئيس وزراء جاء بمهمة، جاء كمصلح، وجذبني ذلك بصراحة ... كان بيننا سلسلة من المناقشات وانضممت إلى منصة الإصلاح تلك ... وأصبحت بسرعة كبيرة نائبا لرئيس الوزراء .... ولكن بعد ذلك تم وضعي في السجن لمدة ست سنوات ...

أسانج: تحت حكم مهاتير .. هناك عدد من الشخصيات وصلت إلى مركز نائب رئيس الوزراء، وكان يلقي بهم واحدا تلو الآخر، ولكن سقوطك من دائرة رضاه كان الأكثر إثارة ... هل يمكن أن تخبرني ما الذي حدث؟

أنور: تعرض لاعتداء عنيف في اليوم الأول عندما أرسلت إلى مركز الاحتجاز لدى الشرطة .. . وأرسلت بعد ذلك إلى الحبس الانفرادي في سجن ... كان الحبس، بالطبع، ليس مفروشا بالورود .. كان صعبا ... في البداية، لم يعطوني حتى الكتب للقراءة ... ولكن جهود وسائل الاعلام الدولية وبعض الأصدقاء الذين رفعوا اصواتهم في المحافل الدولية دفاعا عني، أثمرت بأن سمح لي بقراءة الكتب ... وأظن أنني أصبحت بعد ذلك أكثر ذكاء بقليل،شئ جميل أن تتاح لك الفرصة لكي تقرأ الأعمال الكاملة لشكسبير أكثر من أربع مرات .. وأعتقد أن الوقت قد حان لتطبيق الفكرة بدل الاكتفاء باستنهاض الهمم وقراءة الكلاسيكيات ... أعني باسترناك وتولستوي ... قرأت لهم في السجن ... وكان ذلك مثيرا من منظور جدران السجن، يتكون لك فهم وتقدير أفضل ... فلا يوجد هناك انقطاع، أنت تزج نفسك في القصة ... في بعض الأحيان تشعر بالكآبة وأنت تنظر للجدران، ولكنك في الغالب تصبح جزءا من مسرحية ... لم استوعب مسرحية الملك لير أو الحوار مع كورديليا، حتى وضعت في الحبس الانفرادي.

أسانج: عندما كنت في السجن، وقرأت "جناح السرطان" لسولجينتسين .... وهو كتاب رائع ولكنه محبط للغاية ويحتوي على الكثير من العنف ... شعرت أن هناك أوضاعا أسوأ يمكن أن أكون بها ... يمكن أن أكون، على سبيل المثال، في قسم أمراض السرطان في سيبيريا مصابا بالسرطان. كيف كان شعورك أنت؟ ان وجهة نظرك حول كيفية التعامل مع هذه التجربة تستهويني لأن لدي عدد من الاصدقاء تعرضوا لتجربة السجن ... هل كانت لديك طريقة قلت عنها: "حسنا، هذه هي الطريقة الصحيحة للتعامل مع الحبس الانفرادي، لخلق نوع من النظام" ... كيف تمكنت من التحكم مع مرور الوقت وأشياء أخرى من هذا القبيل؟

أنور: كان الأمر صعبا ... الآن قد يبدو سهلا ولكن في ذاك الوقت بالذات كان صعبا للغاية ... أطفالي كانوا صغارا جدا حينها، الأصغر كان لا يزال في دور الحضانة ... في الوقت الذي اعتقلت فيه كنت أشعر بألمه، لأنني اختفيت فجاة ... ولكن ما أعطاني بعض القوة هو أن ضباط السجن والحراس كانوا ودودين للغاية. لكنهم كانوا خائفين ايضا، كانت هناك كاميرات في كل مكان ... يمكن أن أشعر بتعاطفهم ودعمهم ... كان ذلك دعما لصمودي ... وسمعت بعد ذلك بعض الوساوس حول ما كان يحدث في الخارج، حول المظاهرات ... وأنا، بجد يا جوليان، أصبحت سعيدا حقا ... ذهبت إلى الحمام وبدأت أردد أغاني فرقة البيتلز، أو ريكي نيلسون أو الفيس بريسلي ...

أسانج: وبينما كنت في الداخل، كانت زوجتك في الخارج تقود حملة كبيرة من أجل إطلاق سراحك؟

أنور: صحيح ...

أسانج: هل لديك أي فكرة عن حجم تلك الحركة التي كانت قد أسستها أثناء وجودك في السجن؟

أنور: ليس بالضبط ... لكن في وقت لاحق، من همس الحراس، وأحيانا برسائل مهربة، أدركت في حينها ... كما كان هناك بعض ضباط السجن الذين قالوا لي بأنهم رأوا حشودا على بعد عشرة أميال من كوالا لمبور، واستمعوا إلى خطب زوجتي ... سألته عن حجم الحضور فقال: "ما لا يقل عن 20 ألف شخص" ... ظننت حينها أن هناك شيئا ما قد يحدث حقا في كوالا لمبور ... وكنت أشعر أنه نظرا لأنه جرى في يوم اعتقالي للمرة الأولى تنظيم أكبر تجمع في تاريخ ماليزيا ... قرابة المئة ألف شخص ... شعرت بتشجيع كبير من تلك الأخبار التي جاء بها حراس السجن .. وانضم العديد منهم إلى تلك المظاهرات ... وكثير منهم أصبحوا بهدوء أعضاء في حزبي ...

أسانج: وهل لديك الشعور بأنك جزء من التاريخ الماليزي، بكونك جزءا من شيء أكبر بكثير من نفسك عندما سمعت عن هذه الاحتجاجات في الخارج والحركة المحيطة بها التي كانت تحاول أن تؤمن لك الإفراج ؟

أنور: الثقة هي في حكمة الجماهير ... هل يمكنك حشد مئة ألف شخص من دون تعقيد، ومن دون حشد وسائل الإعلام؟ ... نعم، إذا عبرت عما يمليه عليك ضميرك ...

اسانج: كيف تم الإفراج عنك؟ لماذا تم إطلاق سراحك من السجن؟ ماذا كان اساس القرار؟

أنور: في تلك الحالة .. تم الإيحاء باقتناع المحكمة الاتحادية بأنني قد أكون مذنبا ولكن ليس هناك دليل واضح على ذلك، وبالتالي تم قبول الإستئناف ...

اسانج: لذا عدت إلى عالم السياسة في العام 2008، والتي كانت سنة استثنائية في السياسة الماليزية، حاولت أن تصل إلى عضوية البرلمان ... ما الذي حدث خلال تلك السنة؟

أنور: عملنا بجد ... لم يكن لدينا أي مساحة في وسائل الإعلام ... تم حشد كل وسائل الإعلام لدعم الحزب الحاكم ... حتى اليوم بوصفي زعيما للمعارضة، لا يسمح لي حتى بدقيقة واحدة في وسائل الإعلام المرئية .. وهذا هو أحد الأسباب التي دفعتني لقبول دعوتكم ... يمكنك أن تتخيل؟ ولا حتى دقيقة على البث وفزت بخمس ولايات، بما في ذلك كوالا لمبور ... فزنا بعشر مقاعد من أصل أحد عشر مقعدا تنافسنا عليها ... وهكذا أعتقد أن الوقت قد نضج لنوع من الربيع الماليزي، من خلال العملية الانتخابية ... لقد عملنا بجد في العامين 2007 و 2008 .. وعملنا بجد أكبر بين الأقليات العرقية ... من العام 99 إلى العام 2004 كانوا متخوفين لأن الحكومة (استدراك) ظنوا أنه من الأفضل دعم القديم وسياساته ... لكنني قلت: "على العكس، نحن حزب الاصلاح، الملتزم بجدول لعملية إصلاح" ... بعض السياسات القائمة على التمييز العرقي قد عفا عليها الزمن ووجب أن تتغير ...

اسانج: أريد أن ننظر إلى هذا التغيير في آسيا ... أريد أن ننظر إلى هذا التغيير في منطقة جنوب شرق آسيا ... كانت هناك حركة ديمقراطية في إندونيسيا، وكانت ناجحة ... ونحن غرسنا الانفصال في تيمور الشرقية .. ما هو برأيك السبب الذي أدى إلى ذلك؟ هل كانت الإنترنت، أم هي حركة إلتف حولها الناس في المنطقة؟ هل كانت الأزمة الاقتصادية الآسيوية ؟

أنور: يمكنك الشعور بالتغيير الذي يجري في المنطقة بسبب وجود تحسن في مستويات التعليم ... الناس يزدادون وعيا، وفي المناطق الحضرية والضواحي هناك أيضا إمكانية الوصول إلى وسائل الإعلام البديلة ... شبكة الانترنت تلعب دورا هاما جدا .. الناس يريدون الحرية وتجد هذا الاتجاه في الانتخابات الأخيرة ... وهو اتجاه تتزايد حشوده .. لا سيما في صفوف المهنيين والشباب والمثقفين ... هذا هو جزء لا يتجزأ من هذا التغيير .. . ومع حدوث الربيع العربي أصبحنا نشعر أن عملية التغيير باتت وشيكة .. أنظر إلى تايلاند ... التحول الديمقراطي هناك هش إلى حد ما ... ولكن هناك التزام نحو التحول الديمقراطي لا يجعل أي نوع من الانقلاب العسكري أو الديكتاتوري أن يبقى لفترة طويلة ... الفيليبين هي أكثر إطمئنانا رغم أنهم لا يزال عليهم التعامل مع مشكلة الفساد المستشري ... في بورما التغيير الواقع هناك صادم... كنت أحد الأصوات .. الأصوات المنفردة .. في الحكومة الماليزية، التي لم يكن لديها أي أمل في أن يصلح المجلس العسكري الحاكم نفسه ... لكن لا بد لي من الاعتراف الآن أن هناك بعض التغيرات الايجابية التي تحدث هناك من حيث التحول الديمقراطي، والوصول إلى وسائل .. في مجال الإعلام، وحرية الانتخابات .. بورما تفوقت اليوم على ماليزيا ...

أسانج: بورما!! حقا؟!! هذا مدهش!

أنور: نعم .. هم يسمحون للمعارضة أن تظهر على شاشات التلفزيون، ونحن لا يسمح لنا ذلك في ماليزيا ...

أسانج: صحيح .. وأنت لا يسمح لك بالظهور على شاشة التلفزيون.

أنور: لكن بورما ليست ديمقراطية بالكامل .. سيكون من المغالطات أن نفترض أن بورما بلد ديمقراطي ... ولكن تجد أن هناك نوعا من التغيير، أكثر إيجابية أكثر استقرارا فس السير نحو الإصلاح الديمقراطي.

أسانج: كيف ترى الوضع الأمني؟ جوليا جيلارد، رئيسة الوزراء الاسترالية وافقت على تمركز 3000 عنصر من مشاة البحرية الأمريكية في شمال أستراليا كنوع من التحصين طويل الأجل ضد أي نفوذ ممكن للصين ... ماذا سيحدث لهذه الدول في آسيا الوسطى؟ هل تعتقد ان دول آسيان يجب عليها أن تشكل حلفا أمنيا متحدا؟

أنور: أنا لست من المتحمسين للاتفاقات الأمنية ولكن يجب أن يكون هناك تفاهم إقليمي قوي بين هذه البلدان، سياسيا واقتصاديا وثقافيا ... من شأنه أن تكون كافيا لإظهار إمكانية ردع أي تدخل محتمل من قبل قوى خارجية، سواء كانت القوى الغربية أو الصين ... اتفاق أمني، يا جوليان، بالنسبة لبلداننا يتطلب مبالغ ضخمة من المال ... سيكون دائما على حساب التعليم والصحة العامة والإسكان والابتكار ، وأعتقد أن هذا سيخلق مشكلة كبيرة.

جوليان: إذا لم يكن لدينا نوع ما من اتفاق أمني أو تحالف من دول جنوب شرق آسيا، هل سيكون الأمر أن تختار الصين من تشاء من البلدان لتتحالف معه، وبلدان آخر ترتمي في أحضان الولايات المتحدة؟ وبهذه الطريقة لن يكون هناك مجال متماسك يسمى جنوب شرق آسيا، بل بالأحرى ستكون هناك رقعة شطرنج فيها مربعات سوداء ومربعات البيضاء والجميع إما على هذا الجانب أو على الجانب الآخر.

أنور: حسنا، يمكننا تجنب ذلك ليس بالضرورة من خلال وجود اتفاق أمني، ولكن من خلال جسم إقليمي واحد قوي لديه فهم واضح .. وأحد معالم ذاك الفهم هو عدم السماح لأي بلد من بلداننا بأن يكون قاعدة للقوى العظمى .. وكان هذا الترتيب من قبل. لكن الفيليبين هي مشكلة لأن لديها بالفعل قاعدة ...

أسانج: لديهم بالفعل قاعدة أمريكية، منذ فترة طويلة، صحيح ...

أنور: نعم، لذلك فإن التفاهم يقوم على أن لا تزداد تلك القواعد ...

أسانج: دعنا نتحدث قليلا عن رئيس وزرائكم والفئة الحاكمة ... عندما كنت في ماليزيا في العام 2009 وتم اعتقالي لفترة وجيزة جدا من قبل الشرطة السرية، كان الناس الذين كنت أتحدث معهم يقولون: "مهما فعلت، لا تذكر موضوع قتل ألتانتويا" ... حادثة قتل تلك الحسناء المنغولية التي تم نسفها بالمتفجرات والتي كان يزعم أنها كانت عشيقة رئيس الوزراء ... وكان ردي: "حسنا، لماذا لا أذكره؟ كان الرد: "لأنه بمجرد قيامك بذلك ستأتي الشرطة وتبدأ بإلقاء القبض على الجميع" ... وأعتقد أن هذه كانت فرصة عظيمة لأنه كلما كنت تريد أن تستدرج الشرطة لديك زر يمكنك الضغط عليه في التوقيت والمكان المناسبين لك ... هل يمكنك أن تحدثني عن حادثة القتل تلك ... ولم لا تزال قضية حساسة جدا في ماليزيا؟

أنور: الأصل أنها لا ينبغي أن تكون حساسة ... ذكرت هذا الأمر في البرلمان، وبطبيعة الحال، رئيس البرلمان أو أعضاء الحزب الحاكم بدوا مستاءين جدا ... لم أدع حتى أن نجيب كان متواطئا في حادثة القتل ... ما قلناه هو أن هناك أسئلة رئيسية لم تحل بعد ... السؤال الأول: لماذا هذه التهمة لم تتغير؟ السؤال الثاني: لماذا لم يكن هناك تحقيق مناسب؟ الثالث: لماذا يتم استدعاء الأشخاص المعنيين كشهود في هذه القضية؟ وترتبط حادثة قتل " ألتانتويا" بفضيحة الفساد الكبرى المتعلقة بشراء غواصتين من فرنسا، وتبحث القضية الآن في محاكم باريس. لماذا يمكن أن تعرض القضية في المحاكم في باريس، ونحن نبقى صامتين تماما عنها هنا؟

أسانج: في ماليزيا ... في ماليزيا، كانت شهادة عدد من الشهود في هذه القضية سرية لسبب ما.

أنور: نعم ... سرية، بل أسوأ من ذلك.

أسانج: في العام 2008، في الوقت الذي جرت فيه الانتخابات في ماليزيا، تعرضت لاتهام آخر بممارسة اللواط، والتي رفعها أحد مساعديك الخاصين ...

أنور: لقد كانت حملة تشهير.. تهمة اللواط تلك ... في كل قرية عرضوا ذلك الفيديو حول ما سمي ببيان من صاحب الشكوى ... ولكن، كما قلت من قبل، علينا أن لا نقلل من حكمة الشعب ... النظام لديه مجلس الوزراء بأكمله، وموارد الحكومة بأكملها، وكل ليلة في وسائل الإعلام الوطنية يوجهون الإساءات لي، ولكنني تمكنت رغم ذلك من زيادة شعبيتي ... إنه لأمر سيء استخدام تلفيق التهم كحيل سياسية، واستخدام الشرطة والسلطة القضائية حتى النهاية .. وعلى الرغم من ذلك، يا جوليان، نلت براءتي .. لكني ما زالت أصر على أن القضاء ليس مستقلا .. ما هو أكثر إثارة للاشمئزاز من استغلال هذه الواجهة - الديمقراطية، والانتخابات الديمقراطية، واستقلال القضاء، استغلالها كواجهة لتمرير أعمالك .. أنا آسف، إن بدوت متشددا نوعا ما في هذا الشأن ....

أسانج: لا، لا، لا ... أحيانا أشعر أنا أيضا أن علي التحدث بهذه الطريقة، لذلك أنا سعيد لأنك فعلت ... أنور ... دعنا نتحدث عن المستقبل. لدينا صورة جيدة عن ماليزيا الآن، ولكن دعنا نتحدث عن الاتجاه التي تتجه إليه ماليزيا والمنطقة ... ما هي خطتك لماليزيا إذا وصل تحالف المعارضة الذي تقوده إلى الحكومة؟

أنور: علينا فورا أن نعزز النضوج كدولة ديمقراطية .. لدينا بنية تحتية أفضل بكثير وقوة عاملة أكثر تعليما ... لا أتعامل مع ماليزيا بأسلوب متعال واقول مثلا إن الناس ليسوا على استعداد لممارسة حريتهم، وتكوين قضاء مستقل وإعلام حر وسياسة اقتصادية يمكن أن تعزز النمو، وتعزز اقتصاد السوق في الوقت الذي تفهم أيضا مساوئه .. ما نتحدث عنه في خطابنا: الربيع العربي هو منطقة تفور وتضطرب من أجل الحرية. ثم لدينا حركة احتلوا وول ستريت ... والقيود هي الجشع الجامح والفجوة بين الأغنياء جدا والفقراء جدا .. التواطؤ بين المجموعات التجارية الكبيرة والسياسين ... نحن بحاجة إلى تجنب تلك الحالات ...

أسانج: الإحباط في الغرب؟

أنور: في الغرب، نعم. وتجربتك هنا مهمة جدا ... حقيقة أن الغرب الآن مكشوف لويكيليكس ... اصبح يمكنك الشعور بحجم النفاق، والمفارقة والتناقض بين التصريحات وبين ما يقال فعلا في الرسائل الرسمية .. وأنت قمت بمساهمة كبرى ... لا يتفق الجميع مع هذه الرسالة الرسمية ... وربما كانت بعض الرسائل مضرة بي، ولكني أؤيد المبدأ .. أتعرف لماذا؟ لأنك تفهم حقيقة السياسة .. ذاك النفاق المبني على مفهوم الدبلوماسية والذي لا يرتكز على الحقيقة أو الأخلاق أو المعايير الأخلاقية ولكن على محض القوة الغاشمة والمصالح الضيقة ... لذلك، أعتقد أن هذا يحتاج إلى تغيير ... لماذا لا يمكن لماليزيا بعد نصف قرن من تحقيق التلاحم الجديد بين الملايويين والصينيين والهنود أو الدايكس ... نحن عائلة واحدة كبيرة، ويمكننا أن نتحرك معا ... لماذا هذا لا يمكن الترويج لهذا التحرك؟ لماذا يكون ذلك صعب جدا؟ فماليزيا دولة غنية ... لدينا تسعين مليار رينغت صافي الدخل من البترول ... نحن لسنا مثل معظم جيراننا مضطرين إلى الاستيراد وليس لدينا شحة في النفط ...

أسانج: ما هو الضروري لتحقيق ذلك؟ هل هي مسألة التعليم؟

أنور: لا، بل هي القيادة يا جوليان .. إنها شجاعة القناعة وتماسك الهدف .. إذا كنت تريد أن تفعل شيئا جيدا فلا يجب أن تكون فاسدا ... أنا لا أقول ذلك مثل فيلسوف سياسي عليك أن تعطي الأوامر .. ولكن هناك بعض القواعد الأساسية التي عليك قبولها واعتمادها ... في العادة . في اللحظة التي تقول بأنك تسعى لأجل الديمقراطية، توصف بأنك أداة من أدوات الغرب ... في اللحظة التي تتحدث فيها عن ضرورة اعتماد اقتصاد السوق تصبح عميلا لسوروس ...

أسانج: لقد كنت واحدا من هؤلاء ...

أنور: هل تعلم ما الذي سيحدث لي بعد هذه المقابلة معك؟. [أسانج يضحك] ولكن أعتقد أن المشكلة هي في القيادات السلطوية، وأحيانا حتى في القادة في الغرب، الذين هم يستخدمون الإسلامفوبيا ... هذا الشعار بأننا ضدهم .. هذه السياسة الوحيدة الجانب من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ... أنا لا أشعر أنها تنتسب حتى إلى المثل العليا، إلى الروح الأولى للثورة الاميركية، أو مُثل جيفرسون ... أو أن السعادة نابعة من القلب، ولقد تحدثنا عن هذا الموضوع ... هم لم يعودوا ينتسبون لذلك، وهذا هو همنا، ولكن علينا أن نفعل ذلك بطريقة بسيطة وفي بلد صغير ... لا يجب الوهم بأن نكون أمة عظيمة على الأرض ... ولكن على الأقل بالنسبة لماليزيا، لماذا غدا من الصعب جدا أن تجعل رجل القرية، والمزارع من الملايو، والتاجر الصيني الصغير أو العامل الهندي يشعرون جميعا بأنه يجري احترامهم كمواطنين، وأن تصان كرامتهم كمواطنين ماليزيين ... لا أعتقد أن ذلك يتطلب الكثير .. هو يتطلب فقط توفر الضمير والصدق والشجاعة والقناعة ...

أسانج: جيد جدا ... أنور إبراهيم ... شكرا جزيلا.

أنور: شكرا لك.

اسانج: ... وحظا سعيدا ... كان حوار لطيفا جدا ... شكرا لك، أنور ... تطرقنا للكثير ... في الواقع هكذا، وعلى سبيل الفضول، أنا قابلت رئيس تونس. هل نجحت أنت بلقائه عندما كنت هناك؟

أنور: لا، للأسف، في ذلك الوقت كانوا يستضيفون المعارضة السورية ...

أسانج: آه صحيح .. أصدقاء سورية ..

أنور: ذهب نصف مجلس الوزراء وستون نائبا للحوار حول الاصلاح الديمقراطي ... لديهم دور كبير .. لأنهم إن ركزوا أكثر من اللازم على بعض القضايا الإسلامية بعد ذلك سوف يكون هناك مصدر قلق كبير حول حكم الإسلام. الآن، أعود إليك ... ما الذي سيحدث الآن؟

اسانج: في الوقت الراهن لدي لجنة التحكيم الكبرى في الولايات المتحدة والتي تحقق مني منذ ثمانية عشر شهرا ويبدو أنها قد قدمت لائحة اتهام سرية، والتي كانت ستستخدم في محاولة تسليمي إلى الولايات المتحدة ... في نفس الوقت، لدي قضية في المحكمة العليا هنا في بريطانيا، والتي كانت من قبل مجلس اللوردات، وإذا لم أنجح، سوف يتم تسليمي إلى السويد وسأسجن على الفور، من دون تهمة.. لم توجه لي تهم في أي وقت أو في أي بلد ... يجب أن أذهب من خلال محاكمة تهم جنسية .. أو ربما أنهم سوف يسقطون التهم ... إلا أنهم يرفضون أن يأتوا إلى هنا لمقابلتي، لاستجوابي ... قدمنا مقترحا للقيام بذلك عن طريق الهاتف، أو للذهاب إلى السفارة السويدية هنا .. لكنهم رفضوا ... بدلا من ذلك، هم طالبوا بتسليمي للاستجواب من دون أي تهمة وهذا هو الوضع .. أنا الآن هنا تحت الإقامة الجبرية .. لدي قيد إلكتروني حول ساقي لكي يعرفوا موقعي ... لذلك ... نعم، الصورة قاتمة قليلا ولكن، من ناحية أخرى، لدي منصة ... هذه الحالة تعطيني، إلى حد ما، منصة ... وهذه العملية تأتي من التشريعات في أوروبا ردا على الحادي عشر من سبتمبر .. لذلك، أنا عالق نتيجة لإدارات الشرطة الأوروبية والحكومات التي قالت: "نحن يجب أن تكون لدينا وسيلة لنقل الإرهابيين بسرعة من بلد أوروبي إلى بلد أوروبي آخر" ...

أنور: والآن تستخدم نفس القوانين الصارمة في حالات أخرى ... كنت تعرف قواعد اللعبة: متع نفسك، بالتزام الهدوء والاسترخاء ... وسيتم الحكم ببراءتك، وسوف ألتقي بك – في لندن أو في كوالالمبور.