العودة للصفحة الرئيسية

يمكنكم تحميل النص الكامل للمقابلة على الرابط التالي:

نقدم لكم الحلقة الخامسة من برنامج " عالم الغد" الذي يشرف عليه جوليان أسانج من على شبكة تلفزيون "RT" وتناول في الحوار مع محدثيه قضايا الارهاب وتعامل السلطات الامريكية مع سجناء غوانتانامو وقتل المدنيين بواسطة الطائرات بلا طيار الامريكية ومفهوم الجهاد وتأسيس دولة اسلامية موحدة.

أسانج: لدي هذا الأسبوع ضيفان ... معظم بيك الذي سجن في غوانتانامو لسنين كمشتبه به في الانتماء لتنظيم القاعدة، وتم إطلاق سراحه دون أي إدانة عام 2005 بعد ضغوط من المملكة المتحدة ...ومعه، المحامي عاصم قريشي المتخصص سابقا في قوانين الشركات، وهو الآن يشارك ضمن منظمة "كيج-بريزينرز" في حملة الدفاع عن معتقلي "الحرب على الإرهاب"..

سيادة القانون والإجراءات القانونية الواجبة أمران مركزيان بالنسبة لحملتهما وأنا أريد أن أستفهم كيف يتماشى ذلك مع أحكام الشريعة ... ماذا لو أسس المسلمون دولة كبرى ... كيف سيكون شكل النظام القضائي فيها ...

لنبدأ من غوانتانامو(مخاطبا معظم بيك) عندما كنت في غوانتانامو وقعت اعترافا جاء فيه: "كنت مسلحا ومستعدا للقتال الى جانب طالبان وتنظيم القاعدة ضد الولايات المتحدة وقوى أخرى ... في النهاية انسحبنا إلى تورا بورا هربا من القوات الأمريكية وذلك بعد إنهيار خطوطنا الأمامية ... و- بمعرفة تامة – قمت بتوفير العون والمساعدة لأعضاء في تنظيم القاعدة ... ووفرت أماكن سكن لعائلاتهم، وساعدت في نشر دعايتهم، واستقبلت اشخاصاً من معسكرات تدريب الإرهابيين مع علمي بأن هؤلاء المتدربين سيصبحون نشطاء في تنظيم القاعدة وسيقومون بأعمال إرهابية ضد الولايات المتحدة" ... هذه اللغة ... هل هي اللغة التي تستخدمها في الحياة اليومية عادة؟

معظم: (يضحك) .. لا .. ليست اللغة التي استخدمها عادة ...

أسانج: لأنها تبدو لغة رسمية جدا ...

معظم: نعم، وهذا يدفعني للرجوع إلى نقطة وهي: أين سأوقع كلاما كهذا؟! كانت يداي خلف ظهري ومقيدتين بساقي .. مع غطاء كان موضوعا على رأسي ... وأنا أتعرض للكمات والركلات .. وأسمع صراخ امرأة في الغرفة المجاورة قيل لي، أو أريد لي أن أعتقد أنها زوجتي ... صور أبنائي كانو يطوفون بها أمامي مع اسئلة من قبل أولئك المحققين: "متى تعتقد أنك ستراهم مجددا؟" "ماذا تظن حدث لهم ليلة أخذناك من بينهم؟" "باعتقادك، أين هم الآن؟" ... كل هذا يضعك أمام استدلالات تبين لك أن الطريقة الوحيدة هي إما أن استسلم وأوقع أيا كان ذلك الذي يريدون مني توقيعه ... أو أن أقاوم دون مبالاة لما سيحدث لعائلتي ... هذا هو الخيار القاسي المتاح لي ... وفي ظل كل ذلك .. وقعت طبعا ...

أسانج: عندما خرجت انضممت إلى منظمة "كيج-بريزينرز" لتناضل من أجل أولئك الأشخاص الذين عرفتهم في غوانتانامو أو اي مكان آخر .. تناضل لينالوا حريتهم أو يعاملوا حسب الإجراءات القانونية الواجبة ... لدينا في ويكيليكس برقية لا تصدق من سفارة أمريكية.. كتبت عنك في العام 2010 ... هي من السفارة الأمريكية في لوكسمبورغ مرسلة إلى واشنطن ... أنت كنت في لوكسمبورغ ضمن حملة تطلب من لوكسمبورغ استقبال معتقلي غوانتانامو ... وهذا اقتباس من البرقية: "السيد بيك يقوم بعملنا بالنيابة عنا ... عرضه الفصيح والمدعم يشكل مقنع ... إنه لمن السخرية أن يرسل معظم بيك بعد أربع سنوات من السجن والتعذيب المزعوم،أن يرسل الرسالة ذاتها التي نرسلها للحكومة في لوكسمبورغ .. أرجوكم خذوا في الاعتبار إمكانية استقبال معتقلي غوانتانامو لإعادة توطينهم" ... ما هو شعورك حيال ذلك .. أن إدارة أوباما ترى فيك الآن سفيرا لها؟

معظم: لكن سمعتي ملوثة الآن، واذا ما اعتمدنا الجد فأنني سأكون مسرورا لو أصغت السلطات الى كلام السفير، لكنني متأكد ان الولايات المتحدة لا تزال تعتبرني عدوا ورجل عصابة مسلحة.

اسانج: بودي التحدث بالذات عن مطاردة الولايات المتحدة للمتطرفين. إن دور منظمة "كيج-بريزينرز" هو محاولة ضمان إطلاق سراح المعتقلين، أو على الأقل أن تجري لهم محاكمة عادلة وأن تقوم المنظمة بالدفاع عنهم ... لكننا نرى الآن أن الإدارة الأمريكية تستخدم طائرات بدون طيار لقتل مسلمين متطرفين في مختلف بقاع العالم ... هل هذا يعني أنه قد لايكون قريبا هناك داع لوجود منظمة "كيج-بريزينرز"؟ لأنه في حالة اعتقال شخص وزجه في سجن غوانتانامو يصبح مشكلة سياسية، تكون المشكلة سياسية ، أما اذا تمت تصفية الشخص جسديا فأن قتله ربما يولد رد فعل ما .. بعد ذلك ... بينما ان عدم وجود الشخص يعني عدم وجود للمشكلة.

معظم: نحن نتمنى أن تختفي الحاجة لنا .. أعني، أننا نرغب أن تكون المنظمة بلا داعٍ عاجلا .. نحن نتعامل مع قضايا مؤلمة للغاية لنا كأشخاص او بالنسبة لعائلات الأشخاص الذين ندافع عنهم .. كنت غالبا ما أقول أن بوش زج الناس في السجن بدون محاكمة .. بينما يقوم أوباما بقتلهم فحسب .. أوباما وعد لدى ترشيحه بالتغيير، أتذكر .. كان يقول: "التغيير قدم إلى أمريكا" .. هذا هو التغيير ... التغيير من الاعتقال بدون محاكمة إلى القتل فورا ..

أسانج: عاصم، في إجتماع عام 2006 قلت في خطاب حماسي– "عندما نرى اخواننا وأخواتنا الذين يقاتلون في العراق وفلسطين وكشمير وأفغانستان، نعرف أين يقع المثال الذي يجب أن يحتذى به... عندما نرى حزب الله يهزم جيوش اسرائيل، نعلم ما هو الحل وأين يكمن النصر ... ونحن نعلم أنه يتعين علينا، على كل واحد منا، دعم جهاد إخواننا وأخواتنا في هذه البلدان، وحيثما هم يواجهون الاضطهاد من قبل الغرب" ... أنا رأيت هذا التسجيل، وبالنسبة لي، يبدو وكأنه وعظ مسلم غاضب يدعو للجهاد ... لماذا قلت هذا الكلام؟

عاصم: حدث ذلك بعد أن قصف الإسرائيليون قانا وقتلوا الكثير من المدنيين هناك في عام 2006 ... ما يتوجب عليك فهمه هو أن المسلمين قلقون حاليا وأنهم يتعرضون للهجوم في جميع أنحاء العالم ... هناك المئات والآلاف من الناس يموتون ... ومفهومنا للجهاد ... على الأقل في هذه الحالة، هو أننا كمسلمين، لدينا الحق في الدفاع عن أنفسنا ... ليس هناك معنى في القول أن هؤلاء الناس، وهم يتعرضون للقتل في ظل سطوة احتلال أو سيطرة استعمارية، لا ينبغي أن يُسمح لهم بالدفاع عن أنفسهم ... وأن عليهم الاستمرار في التعرض للصفع والقتل والاغتصاب ...

أسانج: لكن الدفاع هنا يعني المقاومة العسكرية ...

عاصم: بالطبع ... وينبغي أن يسمح لجميع هذه البلدان بـ .... أعني، لم يكن ذلك الاقتباس هو الخطاب بأكمله .. وأنا تحدثت ضمن ذلك الخطاب عن أننا كمسلمين في المملكة المتحدة، ينبغي علينا دعم أولئك الناس من خلال الضغط، من خلال الحملات الانتخابية، من خلال بذل قصارى جهدنا لتقديم الدعم لهم ، وأعتقد جازما أن القيام بذلك هو جزء من واجبنا ... أعني أن الصراع ليس هو الحل ... فذلك عكس ما نسعى إليه – عكس ما اسعى إليه أنا شخصيا - فأنا لا أؤمن بأن العنف هو الحل ... الحوار هو الحل الوحيد ... لكن، في الوقت نفسه، أؤمن أن الجميع لديهم الحق في الدفاع عن أنفسهم ...

أسانج: ولكن ماذا عن ماهية هذا "الدفاع عن النفس"؟ بيسلان، على سبيل المثال، ذلك الهجوم على المدرسة ... أكثر من ثلاثمئة قتيل ... أعني، هذا النوع من المشاكل في الشيشان؟

عاصم: نعم، أنا أعرف..

أسانج: كيف يمكن أن يوافقك الروس على أن هؤلاء الارهابيين الشيشان كانوا يدافعون عن الشيشان بتلك الطريقة .... أعني، هذا النوع من الدفاع عن النفس، دفاعٌ يمكنك أن تقبله؟

عصام: شخصيا ... هذا امر لا أوافق عليه ... لا أعتقد أن ذلك هو الطريق الصحيح من وجهة نظر الشرع الاسلامي... ولكنني لا أعيش في تلك الظروف ... ولا أستطيع شرعا الإدلاء بحكم عن ذلك لأنني لست فقيها ... لدي خلافات مع الطريقة التي يستخدمها تنظيم القاعدة وتكتيكاته في مختلف أنحاء العالم ...لا اعتقد أن هذا الأسلوب مثمر او يخدم غاياتهم ... ولكن في الوقت نفسه فإن المفهوم العام - وهذا ما كنت أتحدث عنه في ذلك الخطاب - هو أن الناس لديهم الحق في الدفاع عن أنفسهم .. ويجب ألا يحرموا من هذا الحق لمجرد أن أمريكا تعتقد انها تملك كامل السلطة الأخلاقية في العالم ... هذه هي النقطة التي حاولت أن أبينها في ذلك الخطاب ...

معظم: أعتقد أن هناك نقطة مثيرة للاهتمام يجب علينا التطرق لها فيما يتعلق بالجهاد، لأن هذا المصطلح يتم استخدامه بشكل صارخ دون أن يفهم الناس حقا ما هو ... نحن أيدنا الجهاد، نعترف بهذا ... الحكومة البريطانية جلبت المقاتلين المجاهدين في السبعينيات والثمانينيات، وتم تدريبهم من قبل "الإس آي إس في سنودونيا ... وبريطانيا دعمت الجهاد مرة ثانية قبل بضعة أشهر فقط عندما كانت تدعم المقاتلين المجاهدين – الذين يدعون أنهم مجاهدين - في ليبيا ضد القذافي ... لذلك، نواجه هنا لعباً بالكلمات في وسائل الاعلام ... كالقول: "الجهاد سيء ألا أذا قلنا أنه غير كذلك" ... و نحن في منظمة "كيج-بريزينورز" الإسلامية، نريد أن نشرح هذا للناس:أنتم يجري خداعكم من قبل السياسيين ووسائل الاعلام لدى إستخدام تلك المصطلحات.

أسانج: الآن، أود أن أطرح سؤالين "ماكرين" ... ما هو الشئ الصحيح الذي فعله بوش ؟ سيقول لم تكن هناك هجمات إرهابية تذكر على أرض الولايات المتحدة بعد عام 2001 ... لكن كيف تم له تحقيق ذلك؟ حسنا، إذا كنت سأحاجج في صفه فسأقول إنه حقق كل ذلك عن طريق مختلف أنواع المراقبة، والاحتجاز الوقائي، وترهيب الناس، قطعا ترويع الناس بأمثلة كغوانتانامو، والاحتجاز دون محاكمة، ومحاكمات تعسفية، إلى آخره ...

معظم: في الجواب على سؤالك " ما هو الشئ الصحيح الذي فعله بوش ؟"... لا أعرف ما إذا كان فعل أي شئ بصورة صحيحة فيما يتعلق بالحرب على الإرهاب ... ببساطة، كان هناك بوش ... ويبدو مثيرا للاهتمام أن بعض الفقهاء على شاكلة انصار تنظيم القاعدة في المملكة العربية السعودية كانوا قد أيدوا مجيئه للسلطة ... هذا مثير للاهتمام ... في الواقع هم قالوا له: "كنا سعداء عندما جئت الى السلطة، أنت تبدو شخصا بعقلية كعقليتنا ... ومن ثم، بالطبع، هو قال: ... هذه الحملة الصليبية سوف تستغرق بعض الوقت" ... ومنذ أن قال ذلك سار كل شيء بشكل خاطئ منذ تلك اللحظة فصاعدا ...

أسانج: وماذا عن بن لادن؟ ما الذي أصاب بن لادن في أفعاله؟

معظم: حسنا، إذا نظرت لما فعله عندما احتل السوفيت أفغانستان وكان الأمريكيون يدعمونه، فإنه أصاب في كل شيء منذ تلك اللحظة فصاعدا ... فعل كل ما هو صواب لأنه كان مدعوماً من قبل الغرب، وذلك الدعم هو الدليل على ذلك ... أما ما أخطأ في فعله...

أسانج: أنا لا أقصد ما الذي يعتقده الغرب، أقصد في اعتقادك أنت؟

معظم: لا، أنا أعلم، أعلم، وأنا أعتقد ان ذلك كان صوابا أيضا ... أعتقد ان ذلك كان صوابا أيضا ... بالنسبة للأفغان أن يكونوا قادرين على تحرير أنفسهم بدعم من كل الذين ساندوهم، كان ذلك صائبا تماما ... أما فيما يتعلق بإعطاء الأمر لترتيب الهجمات، اذا كان هذا ما فعله حقا ... لا أعرف ... في رأيي أنه لم يثبت ذلك لأنه لم يخضع للإجراءات القانونية اللازمة ... إن كان قد فعل ذلك، فهذا خطأ لأنه أسفر عن سلسلة من ردود الفعل التي لم تكن لدينا القدرة على التعافي منها منذ ذلك الحين ...

أسانج: هل تعتقد أنه، كقائد، كان ناجحا أم لم يكن؟ أعني، هل نستطيع أن نقول إنه أثار الكثير من المتاعب؟ لماذا كان ناجحا؟

معظم: أنا لا أعرف إذا كان قائدا أساساً ... وأعتقد أن الأسطورة المستدامة لتنظيم القاعدة في المغرب العربي وأوروبا وكل فروع تنظيم القاعدة كانوا جزءا من الفرضية القائلة.. "حسناً، إذا كنتم تريدون أن نكون في تنظيم القاعدة، فسنكون من تنظيم القاعدة" ... لكن لا أعتقد أن القاعدة موجودة حقا بالشكل الذي قدمت لنا به ... بل حتى مدى حجمها وتشعبها يبدو لي أسطورة كبيرة ... أما هو كشخص، باعتباره رمزا ... فأود أن أقول: إذا ذهبت إلى العالم الإسلامي، فسترى المواقف هناك مختلفة .. معظم الناس لا تتفق مع ما جرى في الحادي عشر من سبتمبر، ولا تتفق مع استهداف المدنيين ... وقد حدثت اشياء مشابهة كثيرا في العالم الإسلامي ... ولذلك فان الناس هناك لا يتفقون مع ذلك على الإطلاق ...

أسانج:ما رأي العالم الإسلامي عنه قبل الحادي عشر من سبتمبر؟ هل كان معروفا جيداً؟

معظم: لا أعتقد أنه كان معروفا، لا أعتقد أنه كان معروفا لدرجة كبيرة ... أعتقد أنه كان معروفاً في دول الخليج وبالنسبة لأولئك الناس الذين كانوا جزءا من الصراع أو القتال في الجهاد ضد السوفيت... بالتأكيد ... وذلك بسبب تضحيته الشخصية ونزاهته، وبسبب جميع الأشياء التي قام بها والتي لا تتوقعها من ملياردير... ولكن بعد ذلك اعتقد أنه أخذ ينظر الى نفوذه على نحو أكبر مما هو عليه حقا ... الولايات المتحدة لم تذهب لتهاجم أسامة بن لادن فقط، بل ذهبت لأبعد من ذلك، هاجمت دولا وقتلت عشرات الآلاف من الناس في تلك العملية ... لذلك ربما يكون بن لادن قد جاء ورحل ... ليس ذلك بذي صلة ... لأن تلك الأعراض التي تحدث عنها بن لادن لا تزال حاضرة ...

أسانج: كيف تصفون أنفسكم في المقام الأول ... كمسلمين، كمحررين، كأناس يحبون سيادة القانون ، كمثقفين؟ كيف ...؟

معظم: كل ما سبق وقلت...

عاصم: لا، لا، لا ... لا أعتقد أن بعض من... ليس في الضرورة أن يكون هناك اختلاف في تلك الاوصاف... أتعلم، كونك مسلماً يعني أن تقف مع العدالة، يعني أن تكون راديكاليا لحد ما، يعني أيضا أن تكون محافظا لحد ما، يعني كل هذه الأشياء في الوقت نفسه ... يقول الله في القرآن: "كن عادلا، حتى لو كان ذلك يتعارض مع نفسك" (لا أعرف النص القرآني للآية المقصودة هنا) ... هذا جزء مهم جدا جدا مما نحن عليه، من شخصيتنا، حتى لو كان ذلك يعني، تقديم الأدلة ضد أنفسنا ، فأننا نفعل دائما ما هو عادل في أي ظرف من الظروف. هذه هي الطريقة التي نصوغ بها شخصياتنا. العدالة هي من نواح عديدة أكثر أهمية من أمور أخرى كثيرة ...

أسانج: النضال من أجل تحرير اشخاص من السجن – وكونك أنت شخصيا كنت سجينا – والنضال من أجل تحرير شعب، تحرير مجموعة من الناس ... ألا تعتقد أن هذا يتعارض مع عقيدة تسليم الأمور إلى الله؟

عاصم: أنت في بريطانيا وعليك التعامل مع إرادات الغير وأن تخضع نفسك للحكومات...

أسانج: أنا... أجد ذلك مقلقأً للغاية، ومزعجاً، ولكن ألا تجد أنه من المزعج أن يخصع الشخص إلى مشيئة الله؟

معظم: نحن بشر وعلينا الخضوع لشيء ما، علينا جميعا أن نخضع إلى قانون ما في كل وقت ... وجهة نظري متعلقة بالعالم الإسلامي على وجه الخصوص وليس بالغرب ... الغرب ليس لديه ما يدعوه للقلق علينا ... نحن نفهم القواعد والأنظمة ونخضع لها حتى لو كنا لا نحبها في بعض الحالات ... ولكننا نتحدث عن العالم الإسلامي، وأعتقد أنه من المهم أن ندرك أنه من المغرب وحتى إندونيسيا هناك أعداد هائلة من السكان ... وهم يشكلون خمس سكان العالم ... وهم يريدون ذلك ... وهذا فقط من داخل المجتمعات المسلمة، ناهيك عن...

أسانج: آسف، انهم يريدون ماذا؟ انهم يريدون سيادة القانون أو شيئاً من هذا القبيل؟

معظم: نعم، ولكن أنا أقول أنهم يريدون أن يكون الدين الإسلامي جزءا من حياتهم من حيث طريقة الحكم وفيما يتعلق بحياتهم اليومية ... وأعتقد أن علينا احترام هذا الخيار... المشكلة هي أننا لم نحترم ذلك على مدى السنوات المئة الماضية أو نحو ذلك.

أسانج: ما رأيك في الرغبة بتوحيد الشعوب المسلمة في خلافة إسلامية، والنقطة الأخرى المركزية على ما اعتقد، هي سيادة القانون ... أحكام الشريعة الإسلامية ... هل ترى مثل هذا الاحتمال؟

عاصم: أعتقد أننا نرى المجتمعات الإسلامية تتطور في جميع أنحاء العالم ... وأعتقد أن الربيع العربي قد أعطى المسلمين الكثير ليفكروا بشأنه ... لديك ظواهر مختلفة تنشأ في كل بلد، وهي مختلفة جدا من مكان إلى آخر، لذلك ما يحدث في تونس مع راشد الغنوشي هو مختلف جدا عن ما يحدث في مصر مع الاخوان المسلمين وحزب النور ... لذلك، أعتقد أن ما نراه هو نوع من التصريحات المعدة سابقا ... وأعتقد أن الكثير من المسلمين سيوافقون، بوجه عام، على مفهوم توحيد المسلمين معا وإعادة إقامة الخلافة ... هذا نوع من المواقف المتشددة التي تمسك بها الناس دائما، ولكن ما هو مضمون هذه المواقف؟ كيف يمكن صياغة ذلك في العالم الحديث؟ ونحن سنراقب المسلمين في جميع أنحاء العالم ... ما يحدث في تونس، ما يحدث في مصر، ما الذي سيحدث في ليبيا ... كيف يحاولون تنظيم أنفسهم على نحو أفضل ... هؤلاء الرجال في الواقع استلموا السلطة لأول مرة ليحاولوا وبطريقة قانونية تحقيق توازن ما حول ما هي الشريعة الإسلامية، وما الذي تتطلبه منا كمسلمين نعيش إلى جانب الذين يعيشون في العالم الغربي ....

أسانج: كيف يبدو هذا النظام المثالي الخاص بكم؟ هل هو القانون العام، أم الشريعة الإسلامية، أو مزيج بين الاثنين؟

معظم: حسنا، هذه هي الأسئلة الأساسية ... ونحن نتعامل في الغالب مع قضية الأشخاص الذين اعتقلوا من دون تهمة أو محاكمة ...هذا ليس جزءاً من مسئوليتنا ... ليس في شأننا حل مشاكل العالم، ولكن، كما تعلم –وهذا رأيي الشخصي- أعتقد أن الخوف الأكبر تراه عندما يتحدثون عن هذا النظام، والخلافة، الجميع يصاب بالرعب ... ولكن، في الواقع، كيف سيكون شكل كل ذلك النظام؟ هل سيكون اتحادا بين البلدان التي تتحدث اللغة العربية ... في أوروبا لدينا خمسون لغة مختلفة والناس يحاولون التقارب والغاء الدول ولديهم وحدة نقدية مشتركة وهكذا دواليك ...

أسانج: حسنا، انهم يحاولون تقديم نموذج الاتحاد الأوروبي ...وهذا في الواقع سبب لي بعض المشاكل.

معظم: بالطبع، بالطبع ... نعم، أوامر التسليم والتي تسمح بترحيل الناس .. بحرية، أليس كذلك ...

أسانج: لست متأكدا، بأن دولة كبرى ضخمة هي في الواقع الوسيلة المثلى ...

معظم: صحيح ... ليس من الضروري أن يكون كذلك بالنسبة لنا أيضا ... ولكن هناك فرق ... أعني، ما أتحدث عنه هو: ما الذي يربط بين المغرب والعراق؟ ما هي الروابط؟ هي الثقافة .. والأهم ... اللغة...

أسانج: نعم ...

معظم: يمكنك الذهاب إلى المغرب والتحدث باللغة العربية ... يمكنك التحدث باللغة العربية في كل البلدان التي تقع بين العراق والمغرب ... هناك شيء فريد من نوعه في هذا المجتمع ... ما يفصل بيننا في أوروبا هو اللغة ... في المقام الأول اللغة ...

أسانج: نعم ...

معظم: وهكذا لا توجد مشاكل كهذة هناك ... تاريخياً. هذه اللغة كانت هناك من قبل، وإذا نظرتم الى الدول...

أسانج: صحيح، إنهم يتحدثون اللغة العربية بالفعل، ولكن ما هو الجديد الذي يمكن أن يكون؟

معظم: الجديد المكون هو أن الوحدة الوطنية يمكنها أن لا تقوم على أساس القومية ... هنا سيكون الفرق، لأن هذا هو ما كان عليه الحال من قبل ... لقد جرى غرس القومية بعد أن جاء احدهم ورسم خطوطاً على خريطة أفريقيا، وقال: أنتم ليبيا، وأنتم الجزائر، وأنتم فلان وفلان. اذا كان العرب قادرين على العودة ، في سياق العصر الحديث بطبيعة الحال، إلى نوع من الوحدة ، فإن ذلك يعطيهم قدرا كبيرا من القوة، وأعتقد أن هذا يمثل مصدر القلق عند الغرب ... ستنشأ قوة أخرى في المنطقة عند جنوب أوروبا، والغرب لا يرغب بذلك ... لكنني اعتقد انها ستظهر ...

أسانج: الآن، ماذا عن نوع سيادة القانون التي ترتأونها؟ أنا لا أتحدث عما هو قابل للتنفيذ الآن ...بل اعني، لو انك كنت الله ليوم واحد فماذا ستفعل ...؟

عاصم: نحن لا نستخدام هذه العبارات بتاتاً، ولكن... الإسلام نظام له قواعده القانونية تماما مثل أي نظام آخر... لدينا على نحو فعال وضع وسوابق قضائية مثل أي نظام معياري قانوني آخر في أي مكان في العالم ... وهكذا بالنسبة لنا فهناك سيادة القانون وعلينا اتباعها .. والعديد من الشكاوى التي تسمع عنها في كثير من الأحيان حول الطريقة التي يطبق فيها الإسلام ، أو أحكام الشريعة، فإنها في الحقيقة تتعارض مع ما تتطلبه سيادة القانون حسب الشريعة، والقواعد القانونية ذاتها على سبيل المثال، عند النظر في مسألة الرجم بتهمة الزنا، والشرط - قاعدة الإثبات - هو أربعة شهود على حدوث الجماع في وقت حدوثه ... وذلك من المستحيل إثباته تقريبا ما لم تكن هناك مجموعة من الناس تمارس أعمالا شاذة .. يصعب جداً إثبات ذلك ...

اسانج: لكن العقوبة هي بالرجم حتى الموت؟

عاصم: نعم، ولكن إن تم تطبيق العقوبة في مكان ما، فذلك يعني فعليا أنه تمت الإساءة لسيادة القانون في مرحلة ما، لأنه من المستحيل أثبات ذلك حسب المعايير الاستدلالية ...

أسانج: لكن هل توافق على عقوبة الرجم حتى الموت بتهمة الزنا؟

عاصم: أعني، بيت القصيد هو أنه لا يمكن أبدا تصور ...

أسانج: لكن، هل توافق على الرجم ... ؟

عاصم: أنا أتفق مع المفاهيم الإسلامية للعقوبات، بشكل عام، بماهيتها ... مهما كانت فانه يمكن تطبيقها

أسانج: لذلك - أعتقد أن هناك فارقا مهما بين منظمة "كيج-بريزينرز" وبين معتقداتكم الشخصية، وأنا أقبل ذلك...

عاصم: نعم، هناك فارق ... وهذا هو رأيي الشخصي. حصراً.

أسانج: ولكن – بحسب رأيك الشخصي- عقوبة الإعدام أمر مقبول؟

عاصم: من منظور إسلامي، نعم، طالما تم استيفاء جميع عناصر الإجراءات القانونية الواجبة ... وهذا يتوقف على ما اذا كانت جميع العناصر موجودة ....

معظم: أعتقد أن ما يحدث عندما يناقش الناس الشريعة هو... أنهم يناقشون الجريمة والعقاب أو العقاب - أي الحدود – لذا فإن ما نتحدث عنه هنا هو إقامة الحدود، جانب العقوبة ... وهذا ليس الشريعة ... الشريعة هي القانون ...

أسانج: نعم، مجمل عملية حكم القانون...

معظم: نعم، هذا صحيح - انها العملية برمتها.

أسانج: ... وهذا ما أريد الوصول إليه ...

معظم: لا أحد منا في الواقع مؤهل للحديث عن ذلك بالطريقة التي ينبغي أن تناقش فيها تلك الأمور .. أي كيفية إقامة دولة وصياغة قوانينها... وذلك لأنه ما من دولة طبقت قوانين الشريعة منذ سقوط الخلافة العثمانية ... لذلك فهي في جوهرها مناقشة نظرية لا يوجد لها تطبيق عملي...

أسانج: إذا ظهر عثمانيون جدد ... وخلافة عثمانية جديدة ...وقامت دولة إسلامية ... فهل تعتقد بأن كثيراً من الناس سيرغبون في العيش فيها ... هل توافق على أنهم لن يكونوا كثيرين؟

معظم: دعني اوضح لك نقطة هامة ... عندما ... عندما ألغيت الخلافة ....

أسانج: الخلافة العثمانية؟

معظم: عندما ألغيت الخلافة العثمانية، كان غاندي أول الذين دافعوا عنها... والسبب هو ادراكه أننا تخلينا عن شيء كان في صميم نسيج التاريخ الإسلامي ... وأعتقد أن الدعوة لإقامة الخلافة، ربما دون استخدام هذه الكلمة، بما يعني اقامة حلف اسلامي موحد، هو ما يريده معظم الناس....

أسانج: ألا تعتقد بأن التونسيين سيقولون: "نحن مسلمون، ونحن في تونس، ونتكلم الفرنسية أحيانا، والعربية أحيانا، ونحن نريد حق تقرير المصير ... وتقرير المصير يتحقق أفضل ما يتحقق من خلال عدم التقارب أكثر مما ينبغي مع مصر لأنها أكبر بكثير. ونحن لا نريد أن نفقد هويتنا".

معظم: حاول العرب، حاولوا إقامة منظمات مختلفة للوحدة العربية ولكن الأمر هنا يتجاوز الوحدة العربية ... أنا أتحدث عن الوحدة الاسلامية التي تضم الأتراك، والإيرانيين، والباكستانيين والاندونيسيين ... وحدة ضخمة ... وحدة واسعة النطاق ...

أسانج: هل أنتم بحاجة إلى الوحدة؟

معظم: حسنا، لماذا تريد أوروبا الوحدة؟ بيت القصيد من الوحدة هو...

أسانج: أعتقد أن السبب الذي يدفع أوروبا للرغبة في الوحدة في الواقع تم إعداده من قبل الولايات المتحدة لتجعل من أوروبا ولايات متحدة قوية اقتصاديا بما فيه الكفاية من أجل محاربة الاتحاد السوفيتي .. وهذا هو السبب باعتقادي الذي يجعل أوروبا تريد الوحدة ... الآن، هي مجرد تكتل تجاري...

معظم: صحيح... والسبب وراء الوحدة من المحتمل أن يكون الاقتصاد ... الدفاع ... إرجع الى التاريخ حيث كان يمكن للشخص السفر من نقطة إلى أخرى دون عوائق لأنه مواطن أرض لم يتم تقسيمها على أساس المبادئ الاستعمارية...

أسانج: إذاً ... تحصل على جواز سفر مسلم وتصبح حراً...

معظم: بنفس الطريقة التي لدى الفرد هنا في أوروبا ... القدرة على السفر داخل أوروبا بحرية تامة ...

أسانج: ويكون لديك الحق في العمل في أي بلد.

معظم: صحيح... صحيح... صحيح...

عاصم: إلى حد ما

أسانج: أمر مثير جدا ... حسنا، الآن دعونا نعود إلى "كيج-بريزنيرز" ... لماذا تقومون بذلك؟ مثلا، هناك أشياء كثيرة يمكن القيام بها في الحياة، لماذا تقومون بما تقومون به في "كيج-بريزنيرز"، يا عاصم؟

عاصم: حسنا انا من المفترض ان أكون محاميا للشركات لذا أجد نفسي قد خضت تغييرا جذريا جدا ... ولكن رؤية شيء من هذا القبيل في غوانتانامو، ورؤية الاعتقال إلى أجل غير مسمى من دون تهمة في المملكة المتحدة، ورؤية قانون تسليم المجرمين، كل هذه الأمور تقول لك أن هناك إساءة في استخدام القانون هنا لغرض محدد جدا ... وهذا يقنعني بأن علي المشاركة مع من يعمل ضد هذه السياسات. منظمة "كيج-بريزنيرز" صوت مهم بالنسبة للمسلمين، صوت يلهم القدرة، صوت نأمل أن يقول للمسلمين.. أنتم تستطيعون الدفاع عن أنفسكم، وعن الحق دون أن تشعروا بأنكم تفعلون شيئا خاطئا.

معظم: بالنسبة لي الأمر واضح، انها جزء من شيء تأثرت به... حتى لو لم أكن أريد أن أقوم بذلك، فإنني سابقى متأثرا به حتى يومنا هذا ...انني مدفوع بذلك الشعور الذي يسميه الناس: شعور الناجي بالذنب ... أنا نجوت من محنة معينة وتركت الأخرين يعيشونها... لذلك يحس الإنسان بانه يجب عليه ان يناضل من أجل من يتعرض للمحنة... أشعر بأن ما يدفعني ليس مجرد واجب أخلاقي أو واجب ديني ... ولكن أيضا واجب نابع من تجربتي الشخصية وقدراتي... إنني كنت أعرف أنني أستطيع أن أقوم بذلك، فلا بد لي من القيام بذلك .. وأعتقد أنني قادر...

يمكنكم تحميل النص الكامل للمقابلة على الرابط التالي:

http://arabic.rt.com/media/files/docs/assange_beg.doc