نورد ادناه نص الحوار الذي جري في الحلقة الثانية من برنامج " عالم اليوم" الذي يقدمه جوليان اسانج مدير موقع " ويكيليس" الذائع الصيت.
أ: اليوم يقف الى جانبي نجم لامع هو/الفيلسوف السلوفيني سلافوي جيجيك/ المنشق الشيوعي السابق، والذي يسمي نفسه الآن شيوعيا. وسنتصل سوية معا بديفيد غوروفيتش اليساري الراديكالي السابق وعضو "الفهود السود".. الذي أصبح الآن صهيونيا متحمسا ذا توجهات يمينية. أريد أن أعرف كيف يفكرون في مستقبل أوروبا والولايات المتحدة. أحيانا نقاشنا يصبح ساخنا: حتى أننا أحيانا نضطر لإيقاف جيجيك جسديا.. نحن نصرخ أو نتحدث بهدوء عن النازيين والفلسطينيين والفهود السود والإسرائيليين وأوباما ورومني وستالين..
أ: ديفيد، أنت تسمي نفسك محافظا، وأنت يا سلافوي - شيوعي ومع ذلك كانت توجد لدى كل واحد منكما صورة ستالين..
س: وهذا هو ستالين على الهاتف ، لا تتحدثوا حاليا معي.
د: أنا أشارك الآن في عرض تلفزيوني سيستمر ساعة تقريبا، لا أستطيع الحديث الآن فالبرنامج عالمي..
أ: ديفيد، وضح لي من فضلك ماذا تعني بالتعبير "المحافظ" ولماذا لديك صورة ستالين؟
د: كانت هناك على حائط مكتبي صورة جنازة ستالين. وأنا من المحافظين لأن اليساريين هم طوباويون وليست لديهم أي فكرة عن الطبيعة البشرية. ولذلك عندما يأتون إلى السلطة ويواجهون المشكلة: الناس لا يريدون متابعة برنامجهم، ونتيجة لذلك فإن اليساريين مضطرون لقتل الناس ووضعهم في معسكرات الاعتقال. وأفكارهم الطوباوية هذه هي مشكلتهم الرئيسة.
أ: جيد.. وانت ما رأيك يا سلافوي؟
س: أولا.. لماذا لدي ستالين؟ ليذكرني بخطر التجارب السياسية الراديكالية.
د: انني حتى لا أعرف كيف أتفاعل مع تصريحات /سلافوي/ بأن صورة ستالين تذكره بمخاطر الشمولية اليسارية أو من تلك الأفكار الطوباوية، مع العلم أن سلافوي نفسه من مؤيدي جميع الحركات الشمولية في العالم. أنت تؤيد كل شيء يقع على مقربة من النازية التي تعد واحدة من الأفكار الطوباوية.. أنت تؤيد الفلسطينيين الذين مثل النازيين يقتلون اليهود.
س: إسمع، هل كنت في الضفة الغربية مرة واحدة على الأقل؟ إنها آمنة تماما لليهود؟
د: لا، لم أكن أبدا في إسرائيل.
س: وأنا كنت هناك مع صديق يهودي. الوضع هناك آمن، وأعتقد أنه من الضروري التشديد على أن هذا مجرد سخف...أن نقول إن ما فعله النازيون لليهود يفعله الآن اليهود مع الفلسطينيين.. ولكن، إسمح لي بالقول إن الفلسطينيين تتم مضايقتهم وبشدة جدا.
د: تماما، يضايقونهم.. تضايقهم حماس، وفتح، والمملكة العربية السعودية ومصر.. نعم، يضايقونهم بشدة وليس اليهود.
س: أنا لا أوافق على هذا. الطريقة التي تصرف بها الاسرائيليون مع عرفات، هذه سياسة إسرائيل، هي التي سمحت لحماس بتعزيز نفوذها.
د: أوهو! اتهام إسرائيل بوجود حماس - انه قول عجيب.
س: يا إلهي، هذا بالذات أكثر ما لا يعجبني فيك، فبرأيك ان كل شيء أقوله أنت تعتبره دوما اتهاما لليهود. وأنت انتبه لوضع النساء في العراق المعاصر. إنه فظيع!
ديفيد: ومن المذنب في هذا؟
س: الولايات المتحدة وسياستها - سياسة التدخل.
د: إنها الحركة اليسارية العالمية ودوائرالحزب الديمقراطي الأمريكي قد استثارت الحرب ضد صدام. هم أجبروا جورج بوش على الهجوم على العراق. كان من واجبنا إيقافهم، ووجب عدم احتلال هذه البلاد.
أ: ديفيد، إنه تصريح غريب فحسب!
د: لم يبق لنا سوى أن نتورط في سورية، ومن ثم في إيران. وبوش تعرض إلى هجمات عنيفة... ولم تنبثق حركات معارضة بهذا الشكل أبدا من جهة الحزب الأمريكي الرئيسي. الكل دعا إلى الحرب. ليس الكل، لكن قيادة الحزب ساندت الحرب. أولا، الغالبية صوتت في مجلس الشيوخ لصالح الحرب، وفجأة وقفوا ضدها، وأعتبروا بوش كاذبا. في الواقع، لم يكن بوسع بوش ان يكذب بصدد المعلومات الاستخباراتية، لأن الديمقراطيين كانوا في لجان الاستخبارات - كيري، روكفلر وغيرهما. معلوماتهم كانت أكثر، حتى من جوليان.
أ: بفضل ويكيليكس استطعنا توسيع حدود شكل ما للحرية. إنها حرية الحديث عن حقيقة ما يجري في العالم من أجل الدفاع عن التاريخ من تشويه الحقائق. ومرة رأيت ملصقة جدارية مدهشة للجيش الأمريكي، كان عليه تمثال جيفرسون وكتب عليه: "ثمن الحرية - اليقظة الدائمة". هذا القول سمح باستخدام نظام التنصت، تسليح الناس، تشكيل حرس الحدود من الجنود الذين يرصدون دائما بالمناظير كل ما يحدث في البحر. إنهم حرفوا عبارة جيفرسون. اذ كان قصده: الانتباه واجب، حتى لا يسمح بالتسلط فوق العادي لجهاز الدولة. وهم رأوا ضرورة تكوين جهاز دولة قوي ومتسلط، للدفاع عن الحرية.
د: انا اتفق معك، هذا محزن أن يكون لدينا جهاز كبير بهذا الحجم، ونظام دفاعي كبير كهذا. لكن هذا هو الواقع. أريد العودة لحديثكم عن الحرية والمساواة. إذا كان الناس منذ البداية غير متساوين، وليست لديهم مواهب متساوية وآفاق مختلفة، تكون الطريقة الوحيدة للحصول على المساواة - التخلص من الحرية. هذه هي الطريقة الوحيدة الممكنة. ببساطة يوجد دائما نزاع طبيعي بين الحرية والمساواة .
س: اسمعني، مهما فكرت عني، أنا لست مثاليا لهذه الدرجة. أنا لا أدعو لا إلى الحرية الشاملة بل الى كشف كل شيء . لكن لا أعتقد أن ويكيليكس مارست بالتحديد هذا الشيء. الواقع أنه عندما تتشكل قوة هائلة، ينجم عن ذلك درجة عالية من النفاق. علينا بالطبع، أن نثق في الدولة عندما تقول: "أعذروني، بعض الأشياء علينا أن نفعلها سريا، ومن الأفضل لكم ألا تعرفونها". لكن عندما يساء استخدام هذه الثقة، يمكن لأشياء مثل ويكيليكس أن تلعب دورا إيجابيا. وهنا أنا لا أرى خطورة الانهيار.
أ: إن جاءتنا حكومة ثورية جديدة واستطاعت ويكيليكس الحصول على مفاوضاتها مع الأجانب ونشرها، هل سيتم وضعي خلف القضبان مجددا؟
س: لا استطيع منع نفسي من المزاح. تصعب علي الآن الإجابة عن هذا السؤال. لكن عندما ادخل في تشكيلة هذه الحكومة الثورية، سأبعث لك الإجابة في عنبرك بمعسكر الاعتقال في سيبيريا.
أ: هذا واقعي تماما..
د: الفكرة تتمثل في أن الحرية يجب أن تكون منظمة.
س: لكن كل حرية إلى حد ما منظمة.
أ: ديفيد، هناك شعار على مدخل غوانتانامو: "الشرف يُلزم بالدفاع عن الحرية".. ويوجد في العراق معسكر للسجناء يسمى "الحرية".. أنا ألاحظ سوء استعمال واضح لمفهوم "الحرية". هل تعتقدون حقا أن جهاز الدولة الجبار هذا، والمتنامي في الولايات المتحدة، مهم لمواجهة التهديدات الآتية، من الصين مثلا أم أن هذا جهاز من أجل الجهاز بحد ذاته؟
د: المشكلة في الناس. إنهم بخلاء. إنهم غشاشون وأنانيون. نحن نفهم كل هذا. الناس في الدولة أيضا خطرون لكنهم يمتلكون إضافة إلى ذلك.. يمتلكون السلطة. لكن هناك حاجة لنظام التفتيش والتوازنات. أنا أؤيد هذا تأييدا تاما، مع أنه يجب دائما الإنطلاق من الظروف .. الولايات المتحدة وإسرائيل تقعان تحت هجوم الحركة اليسارية العالمية القوية جدا.. من بينهم ديكتاتوريو أمريكا الجنوبية، ويبدو أن /سلافوي/ أيضا ينتمي إلى هذه الحركة مع الفاشية الإسلامية. لديهم أسلحة نووية وكيميائية وبيولوجية. أخشى أن تحدث كارثة تقضي على كل ما أنجز في القرنين العشرين والواحد والعشرين.. وكله بسبب اليساريين.
أ: ألا ترون ظهور البيروقراطية السرية العلاقة التي يقدم فيها الجميع الخدمات إلى بعضهم البعض ويمارسون التغييرات الداخلية؟ ألا تعتقدون أنه يوجد هناك شيء متشابه مع ما كان في الاتحاد السوفيتي وأن العالم في حاجة إلى الاتحاد السوفيتي الجديد القوي؟
د: سنحصل على ذلك إذا تخلصنا من المواجهة. ولكن يوجد لديكم يساريون في البيت الأبيض. أرسلهم الشيوعيون إلى هناك وصعدوا سلمهم الوظيفي عند الشيوعيين. هناك مواجهة. لا يمكن في هذه الظروف وجود منظومة سرية موحدة تستطيع فرض الرقابة على الكل. لو تفضلتم يمكنكم أن تتصوروا ذلك كوجود منظمات مافيا متعددة تنهش بعضها البعض. وهذا ما ينقذنا.
س: إذا.. بصورة مختصرة جدا.. بداية أقول بعض الأشياء من دون أي خلفية ضد أمريكا.
د: المشكلة في أنه تقمع المعارضة في بلدان مثل روسيا.
س: وفق ما فهمته تقصدون بوتين باسم روسيا. أليس هو ذلك الرجل الذي بعد اللقاء معه صرح الرئيس بوش "انني نظرت إلى عيني بوتين وأدركت أنه يمكن الوثوق بمثل هذا الفتى".
د: نعم هذه من أكبر السخافات التي نطقها بوش.
س: اسمح لي بالاستمرار، انتم تعرفون أن الشيوعيين دائما يحبون مضايقة المعارضة والديمقراطية. يفضل الشيوعيون تسمية أي شيء يعارضهم بالفاشية بغض النظر عما اذا كان ذلك ثورة مضادة فاشية أو ديموقراطية معتدلة. يقلقني كثيرا أنكم تستخدمون مصطلح "الشيوعية" للغرض نفسه. أي ان كل من ينتقد أمريكا ومؤسستها من المحافظين يعتبر من الشيوعيين. في هذا الحال حتى أوباما يعتبر شيوعيا..
د: قف! هل انت تتحدث عن أوباما؟!
س: بمعنى معين لهذا المصطلح ...نعم، هو شيوعي.
د: لا يوجد لديكم أي تصور عن قدرات باراك أوباما ومن هو في حقيقة الآمر ..إذا قلتم مثل هذا القول عنه.
س: أنا لا أهتم بقدراته.. لقد حصل ستالين على تعليم ديني ونظم الشعر. ويوجد لدي شئ منه كما تعرف. ولكن لنرجع إلى موضوعنا. ما رأيكم في أن فشل رئاسة بوش كان سببه السياسة التي لا أريد أن أسميها بسياسة "عدوانية" بل سياسة غير رشيدة؟. نتيجة لرئاسته وجدت الولايات المتحدة نفسها على حافة فقدان وضع الدولة العالمية العظمى. عند رئاسة بوش خسرت الولايات المتحدة بشكل واضح السيطرة على أمريكا الجنوبية وغير ذلك.. وبرأيي سنتعامل قريبا مع عالم متعدد الأقطاب خطير جدا. كل الأحلام في أن تستطيع الولايات المتحدة استعادة سيطرتها، تموت. وهذا أقوله من دون أي سخرية.
د: نعم، أوافق، هذا خطير.
س: وأنا أوافق، انه عالم خطر وليتهمني جل اليساريين باليورومركزية، نحن سنصطدم بهذا العالم. ان فكرة أوروبا الموحدة المزدهرة أكثر طوباوية من الحلم الأمريكي. ربما كانت هذه فترة فريدة بعد الحرب العالمية الثانية، عندما عاش عدد كبير من الناس في الدول الأورويبة في حرية ورفاهية وطمأنينة. لا يجب الضحك على أوروبا، كانت رائعة آنذاك.
د: لا، كانت فترة فظيعة. أوروبا - إنها حديقة الثقافة. ليس لها أي معنى. هذا ما حدث. حدث هذا بفضل "الرفاهية". أنها ببساطة أخرجت أوروبا من اللعبة.
أ: توجد لديًّ خبرتي الشخصية في التعامل مع فكرة الجنة الاشتراكية الخيالية في السويد.. وفي اعتقادي ليست أكثر من لافتة اعلانية؟
س: ولكن هذه الفكرة كانت موجودة فعليا منذ عشرين أو ثلاثين سنة. أما اليوم فأشدد على أن شيئا قد انقلب.
د: نعم.. لا توجد لدى السويديين مبادئ اخلاقية.
أ: يا سيد /دايفيد/ إن النضال من أجل الافكار الطوباوية والوضع الافضل للامور وحتى لو كان هدفه الحرية ...ان هذا النضال نفسه هو أكبر من الحرية لأنه يحدد اتجاه السير الذي يحتاج اليه الناس. ويمكن عليهم تقييم الاحداث المعاصرة اعتمادا على هذا الاتجاه في آمالهم وأفكارهم. هل يصدق ان الاعتماد على الدين يبقى أملنا الوحيد؟ والأديان من جانبها تنتظر اتاحة الفرصة لها لاستخدام الأفكار الطوباوية.
د: أكثرية الناس لا تستطيع العيش معالشعور بأنهم ولدوا ليموتوا ويتم نسيانهم. يوجد لدى المتدين فكرة المبدأ الالهي الذي يحل هذه المشكلة بفضل فكرة حياة الآخرة والخلاص في الحياة القادمة. واذا لم يكن الانسان متدينا فهو يحتاج الى الخلاص في الحياة الدنيا. وبهذا المعنى ان حركة اليسار هي حركة متدينة بالنسبة الى أصحاب فكرة الطوباوية أيا كانوا هؤلاء - شيوعيون أو فاشيون أو نازيون.
س: ولكن الليبرالية لا تزال طوباوية أيضا..
د: يجب على الناس أن يرغبوا بأنفسهم في صنع مستقبل أفضل. وأحيانا تحقيق تغيرات وحتى التغيرات الصغيرة تحتاج الى طموحات كبيرة. وعندما كنْت افكر عن اهدافك أصبح واضحا لي انك تريد الوصول لهدفك بواسطة الوسائل الراديكالية. ولكن هذا يمكن أن يؤدي الى تداعيات مدمرة.
س: ولكن عندما نواجه المظاهر مثل /هتلر/ أو /الهولوكوست/ لن تقول أبدا مثل هذا: لنحاول أن نتعامل بشكل ودي مع هؤلاء النازيين.. لنكن أكثر اعتدالا.. كيف ترون اللحظات التي يجب فيها ان نكون أكثر عدوانية.
د: انتم على حق تماما.
س: آمل في أننا قد وصلنا الى الموافقة على موضوع الطوباوية. لدي موقف معتدل: أشاهد كيف نتجه الى الكوارث المحتملة. وكل ما أريده هو القول إنه يجب علينا مكافحة هذه الكوارث من دون تلك الطوباويات الغبية مثل الشيوعية أو الليبرالية.
د: لو سمحتم أريد أن أقدم نتائج حوارنا.
س: هو يريد أن يمثل دور ستالين.. الذي كان يلخص دائما في النهاية النتائج لكل شيء في العادة.. انه شيوعي كالسابق.
د: إن الحرب هي حالة البشرية الطبيعية. الحرب كانت موجودة دائما. السلام يأتي بعد اظهار التوافق بين كل القوى أو في حالة وجود القوة الوحيدة القادرة على تخويف المعتدين المحتملين. والآن أسألكم ما هي هذه القوة التي ترغب في اظهارها بدلا من الولايات المتحدة.
س: لا أعرف ولكن الولايات المتحدة لم تعد جيدة لتلعب هذا الدور بالنسبة اليّ.
د: لذلك أصبحنا على شفا كارثة وانتم تساعدون على وصولها من خلال تأييد اليسار.
أ: هل من المستحيل اجبار الدولة على تقديم بيان عن تصرفاتها من خلال السوق الحرة في الدول؟
س: أنت تتحدث عن إمكانيات سياسية مختلفة؟
أ: إذا كان الناس لا يعجبهم الوضع في دولة ما يجب أن تكون لديهم الإمكانية للرحيل إلى مكان آخر مع أعمالهم وممتلكاتهم وأسرهم.
د: الولايات المتحدة، كما أثبتت التجربة العراقية، غير جاهزة لهذا. نحن لا نستطيع حتى احتلال دولة. نحن بصعوبة نستطيع مواصلة الحرب ستة اسابيع، وهذه استمرت ستة أسابيع. أمريكا بلاد تتوفر فيها لدى الناس فرص كثيرة، وهم يمارسون مختلف أوجه التسلية، ولا يريدون الذهاب إلى الحرب.
أ: أمريكا تم جرها بالكذب نحو الحرب.
د: لقد كان توني بلير من فعل ذلك. الولايات المتحدة أصبحت مشلولة نوعا ما لأن القائد العام يساري.
س: أنا هنا، مع احترامي لهذا الرأي، أختلف معه وأنا جاد في ذلك.. إذا كان لا يزال للولايات المتحدة جاذبية بالنسبة إلى بقية العالم، فإن ذلك بسبب أشخاص كأوباما الذين يحققون نجاحات في هذا المجال.
أ: بعد أربعة أيام من تسلم إدارة أوباما سمح لأول بشن عملية هجوم بطائرة من دون طيار في باكستان... ما هي برأيك حقيقة أوباما؟
د: عندما دخل اوباما البيت الأبيض بل وحتى عندما كان مرشحا كان يعي بأن نقطة ضعفه كانت الجيش.. لذلك اختار باكستان.. هو قتل عددا اكبر من المدنيين ، لكن اليساريين تغاضوا عن ذلك لأن اليسار هو حركة دينية لا علاقة لها بالمبادئ.. اليسار لا يهتم بقتل آسيويين بطائرات من دون طيار.
أ: إذن، ما الذي يريد أن يفعله؟
د: كيف احتج الشارع على ما يقوم به أوباما في أفغانستان أو باكستان؟ أنا لم أعد أحترم اليساريين لأنني لا أعتقد أن لديهم أي مبادئ.
س: هذا هو الخلاف بيننا: كلانا ينتقد أوباما.. أنت تنتقده لأنك تعتقد أنه شيوعي يساري، أما أنا فأنتقده من منطلق نقيض.. أعتقد أنه يتظاهر بأنه يساري ولكنه ليس كذلك.
د: أنت لا تعلم يا سلافيتش ما الذي تتحدث عنه.. أنا تكلمت مع طارق علي.. هو يكره ما يقوم به أوباما.
س: هؤلاء هم أصدقاؤك اليساريون القدامى.. وطارق علي ليس صديقي.. أنا لست مقتنعا بترهات اليسار الديمقراطي تلك... ديمقراطية منخفضة ولا تزال في أوضاعها البدائية.. ما أقوله هو أن المشكلة التي أدت إلى صعود الشيوعية لا تزال كامنة بيننا.. وأنا أخشى مما قد يحدث في حال لم نجد لها حلا.
د: لا ليس كذلك.. المشكلات ستبقى بيننا إلى الأبد... هذه هي النظرة الواقعية.
أ: أيها السادة.. لا يزال أمامنا الكثير لنغطيه.
س: نحن إثنان من المتعصبين.. هو ليبرالي.. يجب أن نتفق معا للتخلص من هذا الليبرالي.
أ: لدينا الكثير لنغطيه وأنا عازم على تغطيته.. ديفيد.. أنت منتمي ل "الفهود السود" ولا تزال كذلك..
د: ماذا؟ لم أكن أبدا عضوا.. لقد جمعت لهم الأموال فقط.
أ: أنت ساعدتهم.. وكنت تشارك في فعالياتهم ومناصرا لهم.
س: أنت كأولئك المصرفيين الذين ساعدوا هتلر.. إن كان بإمكاني استخدام هذا التشبيه.
د: لا أعتقد ذلك
أ: وأنت كنت ترأس محاسبة /مجلة رامبارتس/ سابقا والتي كنت أنت محررها.. المحاسبة /بتي فان باتر/. أنا أريد أن ألفت انتباهك إلى رسالة أرسلت إليك فيها: "من وجهة نظري، أنت الشخص المسؤول عن مقتل /بتي/... إرسالها لضبط حسابات الفهود في هذا الوقت كان كإلباسها الرداء الأبيض الخاص بمنظمات "الكو كلوكس كلان" وإرسالها إلى....
د: جوليان، إسمع، هذه رسالة افتراء بعثها لي شخص لدود هو نفسه كان متورطا مع "الفهود السود" قبلي ولم يقل شيئا.. اليسار سيدافع عن القضية وسيضحي بأي كان.. في تلك الحالة كانت التضحية بي.
أ: ديفيد، تلك المأساة.. أنت كنت متورطا بجريمة قتل.. جريمة قتل كانت حولك.. وذلك أمر له قيمة عالية بالنسبة إليك ولا شك أنها أثرت في نظرتك للعالم... لكن هل تعتقد أنها فتحت عينيك على الواقع أو ربما لونت مداركك إلى حد ما؟
د: كنت أعي ذلك.. /بتي/ قتلت أو بالأحرى وجدت جثتها في فبراير/شباط من عام ألف وتسعمئة وخمسة وسبعين.. لم أقم بأي نشاط سياسي منذ ذلك التاريخ ولمدة تسع سنوات.. صوت لريغان في عام أربعة وثمانين وكان ذلك بداية ظهوري كمحافظ.. بالطبع تعرضت لهجوم قاس من اليسار لكنني لم أرد بشيء.. ولم أقم بأي نشاط سياسي ضد اليسار طيلة تلك السنوات التسع لأنني شعرت بالخيانة من قبل الحركة.. شعرت بالذنب بسبب أولئك الذين ناصرتهم.. لذا انتظرت حتى أهدأ.. إنه أمر متعلق بالشخصية.. إن كنت إنفعاليا أم لا..
أ: ديفيد.. أنت بدأت بكتابة السير الذاتية بعد مقتل /بتي فان باتر/.. كتبت سير /روكفيللر/ إضافة إلى عائلات أمريكية كبيرة أخرى... عندما بدأت بالكتابة هل أجريت مقابلات مع أحد أفراد تلك العائلات الواسعة النفوذ؟
د: نعم.
أ: أنت انتقلت إلى وسط اجتماعي جديد كنتيجة لكتابتك تلك السير؟
د: لا ، لا ، لا ، أنا بقيت كما أنا طوال حياتي ولم انتقل إلى أوساط اجتماعية جديدة... لقد خسرت كل صديق لي يساري وهذا كان في منتصف العمر... لذا أعدت تأسيس صداقاتي... أعتقد أن من أهم العوامل التي تبقي اليساريين يساريين هو أنهم يعرفون بأنهم لو عبروا إلى الضفة الأخرى فسيخسرون كل أصدقائهم... (يرن الهاتف) .... آسف على ذلك..
س: ليس هناك مشكلة.. أنا مع الشيوعية بوجه إنساني حيث يمكنك أن تقوم بذلك.
د: ليس لإحباط النشاط أو مهما كان الذي تفعله... لكني أذهب إلى الجامعات محاطا بالحراس الشخصيين بسبب اليسار الفاشي في هذه البلاد.
ا: وجهت لي تهديدات بالقتل من كل مكان.
س: أنا الوحيد في هذه الغرفة الذي تعرض لاعتداء جسدي على يد متعصبين يمينيين لكوني شيوعيا ومن الشيوعيين لاتهامي بأنني عميل للقوميين.
د: هيا.. هيا..
س: لا ..لا.. لست أمزح.
أ: ديفيد.. لمن ستعطي صوتك في الانتخابات المقبلة؟
د: لم تتضح بعد أسماء المرشحين النهائية.
أ: أعني من ضمن أولئك المرشحين حاليا؟
د: أعتقد أن رومني يملك الفرصة الأفضل لهزيمة ذلك الشخص.
أ: لهزيمة أوباما؟
د: نعم.. لكنني لست سعيدا بأي منهم.
س: أنا أتفق معك هنا.. أنه لأمر مأساوي وربما مضر حتى على حيوية الولايات المتحدة في المستقبل البعيد أن يكون الحزب الجمهوري غير قادر على طرح مرشح قوي بما فيه الكفاية.. هذا محزن جدا. وأنا لست سعيدا لذلك.
د: أنا متفق.. هذا سيء للغاية.
أ: شكرا لك .. ديفيد غوروفيتز.
س: هو حتى أسوأ من شيوعي.. هو اشتراكي بوجه إنساني.. هذا أسوأ وضع وجودي.. الضفادع تبدو تزحف في ذلك الوضع.
أ: شكرا لكم أيها السادة..
س: عليكم العمل وفق طريقة ستالين.. كان ضربا من الجنون .. أنت تفهم ماذا أقصد.
س: فكرتي هي: إذا وضعوك في طائرة - قل سحقا لذلك - النقابات يجب أن تقول إنهم لن يستقلوا الطائرة أوما شابه.. أعتقد أن الوقت قد حان لرفع درجة التحدي.