يمكنكم تحميل نص المقابلة مع الرئيس التونسي المنصف المرزوقي على الرابط التالي:
نقدم لكم حلقة اخرى من برنامج جوليان أسانج محرر الويكيليكس " عالم الغد " التي يلتقي فيها مع الرئيس التونسي منصف المرزوقي .
قال اسانج :نحن كشفنا أسرار العالم...وتعرضنا لهجوم الأقوياء...منذ خمسمئة يوم وأنا محتجز دون إدانة، ولكن ذلك لم يوقفنا...اليوم نحن نسعى خلف أفكار ثورية قد تغير العالم غدا ..خلال السنة الفائتة، هزت الحركات الثورية الشرق الأوسط. تونس كانت البلاد التي بدأ بها كل شئ ..
اليوم .. أتحدث مع منصف المرزوقي أول رئيس لتونس الجديدة ... انه طبيب ومارس النشاط في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان .. ترعرع في نسيج مختلف عن سلفه بن علي المتغنج والفاسد ... تعرض للنفي والسجن على يد نظام بن علي ... المرزوقي يعتبر صاحب الشرعية الأخلاقية الأكبر بين باقي الزعماء العرب... لكنني أتساءل، إلى متى يمكن لهذه الشرعية أن تستمر؟ التحول في تونس لا يزال بعيدا عن الاكتمال ويجب على الرئيس المرزوقي حاليا أن يواجه حقائق السلطة...
أسانج: السيد الرئيس.. هل تسمعني؟
المرزوقي: مرحبا ... كيف حالك سيد أسانج؟
أسانج: من الجيد جدا أن نراك معنا...
المرزوقي: أتعلم ... لقد كنت دائما معجبا جدا بالعمل الذي قمت به وأعتقد أننا ... أتمنى لك .. أتمنى لك كل ما هو أفضل .. أتعلم، إن كنت تتعرض لبعض لمشاكل فأنت موضع ترحيب في تونس...
أسانج: شكرا لك ... أنت كنت في السجن عام ثلاثة وتسعين وأنا كنت في السجن في عام ألفين وعشرة، لكن تلك كانت تجربة مثيرة جدا للاهتمام بالنسبة لي – كيف تتجاوز الحبس الإنفرادي – وأنا أعتقد أن على كل واحد ربما أن يمر بهذه التجربة مرة على الأقل ... هل لك أن تخبرني كيف تجاوزت فترة السجن؟
المرزوقي: حسنا ... أتعلم ... أنا قضيت أربعة اشهر في الحبس الإنفرادي ... لكن حمدي جبالي، والذي هو رئيس الوزراء في تونس، قضى عشر سنوات في الحبس الإنفرادي ... وأنا طالما كنت معجبا به ... لم أفهم قط كيف تمكن تجاوز هكذا تجربة .. لأنني وبعد أربعة اشهر فقط بدأت أخاطب نفسي، أتعلم، لقد جننت بحق ... لقد جننت لأنه، كما تعلم، يمكنك فقط الحديث مع نفسك... ان تكون وحيدا مع نفسك طيلة تلك المدة .. أنت .. إنها تجربة فظيعة... وهذا هو السبب، كما أعتقد، .... إنه نوع من التعذيب النفسي .. وكثير من الناس يقولون لي: أنظر، أنت لم تُعذب في السجن، وانا أعتدت أن أقول: لا .. كنت تحت التعذيب، ولكنه كان نوعا آخر من التعذيب وربما واحدا من أسوأ الأنواع ... أعتقد أن أكثر من ثلاثين الف شخص تعرضوا للتعذيب في تونس وكنت غاضبا لأجلهم، أتعلم ذلك ... كما كنت غاضبا من أولئك الذين يمارسون التعذيب ثم يعودون لمنازلهم ويلعبون مع أطفالهم ويستمعون للموسيقى ويعيشون، كما تعلم حياة عادية ... ولم .. لم أفهم كيف ... كيف يمكنهم قبول القيام بأمر كهذا وتتيقن من أنك لا تزال بشرا؟
لذا ... كيف يمكن للواحد أن يتجاوز هكذا تجربة؟ أعتقد أنه عندما تعلم أنك تحارب من أجل حقوق الإنسان، من أجل قيم جيدة، فعندها تكون لديك المقاومة الكافية لمواجهة ذلك الوضع...
أسانج: هؤلاء الذين اتخذوا اجراءات ضدك وضد زملائك في تونس تحت حكم نظام بن علي ... كالرئيس السابق للاستخبارات مثلا .. هل تلقاهم الآن وقد اصبحت رئيسا؟
المرزوقي: نعم
أسانج: وماذا يقولون؟ هل يعتذرون؟
المرزوقي: لا .. لا .. لا يعتذرون... سيقولون: أنظر .. نحن نطيع الأوامر، نحن مجرد موظفو خدمة مدنية ... وهذا بالنسبة لي غير مقبول على الإطلاق لأنني أعتقد أن كل شخص لديه إرادته الخاصة ... وعليه أن يتحمل مسؤولية أعماله.. من السهل جدا القول: أنا كنت فقط أطيع الأوامر ... وأنا لا استطيع قبول هكذا عذر ... لأن ذلك يشير إلى حقيقة أن أولئك الناس ليسوا خشنين واجلافا فقط، لكنهم أيضا لا يملكون أي نوع من الكرامة، أي نوع من الشرف، أتعلم ... عليك أن تقبل بمسؤولية ما قمت به وتقول: أنظر .. لقد قمت بذلك ولكنني آسف .. لقد كنت على خطأ... ولكنني لم اسمع أيا منهم يقول: أنا آسف .. لقد كنت على خطأ...
أسانج: أنت قلت أن أول ضحايا الديكتاتورية هي ادهزة الامن فيها... ما الذي تقصده بذلك؟
المرزوقي: أعتقد أن أولئك الناس .. انهم ببساطة يقبلون بطاعة الديكتاتور ... هم .. هم يتخلون عن كل شيء ... عن إنسانيتهم، عن شرفهم، وعن ..... – وأيضا فقط لتواجدهم .... لمشاركتهم السلطة كما كونهم أيضا ضحايا النظام ... أنت ربما تعلم بأن أولئك الذين يمارسون التعذيب هم ليسوا دائما .... هم في حالة حزن شديد .. بعضهم يصبح مريضا ... البعض الآخر ينتحر ... أعتقد أن التعذيب لا يدمر فقط أولئك الذين يتعرضون للتعذيب .. بل حتى أولئك الذين يعذبون الآخرين .. لذا .. نعم .. إنه أمر فظيع للطرفين .. للناس التي تمارس التعذيب وللناس التي تتعرض للتعذيب.
أسانج: في الولايات المتحدة، لدينا مصدر متهم، المصدر المتهم في قضية البرقيات الدبلوماسية التي كانت تحتوي مواد نشرت في تونس تخص بن علي.. إسم المصدر هو برادلي مانينغ .. وهو خضع للحبس الإنفرادي لمدة عشرة أشهر ... ماذا تقول عن الولايات المتحدة ودورها ... كانت يوما رائدة في حقوق الإنسان والآن متورطة في التعذيب؟
المرزوقي: حسنا.. عندما يكون هناك تعذيب في ظل الديكتاتورية فإن ذلك يبدو طبيعيا..... بالطبع ليس طبيعيا بل فظيع ... لكن عندما يكون لديك ذات النوع من المشاكل في دولة ديمقراطية وعندما تواجه أناسا ينتمون لتلك الحكومة يتحدثون عن حقوق الإنسان وما شابه.. يبدو لك ذلك سخيفا .. أتذكر منذ عامين .. لا .. بل منذ أربعة أعوام ... كنت مدعوا لواشنطن من قبل منظمة غير حكومية للحديث عن حقوق الإنسان في تونس... وكنت قد دعيت للقاء شخص مهم في البيت الأبيض معني بشؤون حقوق الإنسان .. فقلت: لا، لن أقوم بمقابلة هذا الشخص لأن ذلك سيكون من السخف الحديث مع شخص أنت تعرف جيدا أن له صلة بمشكلة غوانتانامو... لا يمكنك الحديث... لا يمكنك أن تأخذ شخصا على محمل الجد وهو متورط في التعذيب في بلاده ثم يأتي ليعطيك الدروس بشأن كيفية الارتقاء بوضع حقوق الإنسان في تونس – لذا لم أقبل اللقاء به.
أسانج: ما هي وضعية اجهزة الامن الآن في تونس؟ بما أنك قائد القوات المسلحة، أنت القائد العام للقوات المسلحة، هل أنت ايضا رئيس اجهزة الامن؟
المرزوقي: إنه وضع صعب لأن علينا أن نتعاطى مع هذه المشكلة بحذر ... علينا أن نزيحهم واحدا واحدا ... لكن الأمر الأكثر أهمية بالنسبة لي هو أننا سنواجه أمورا صعبة كالحركة السلفية مثلا ... هذه حركة ميالة لليمين بشكل متطرف هنا في تونس وهم بإمكانهم أن يشكلوا خطرا على الديمقراطية ويتوجب علينا أن نواجه المشكلة من منظور سياسي... علينا أن نتناقش معهم أو ما شابه... لكن البعض منهم لا يقبلون أي نوع من النقاش السياسي والبعض منهم سيشكلون نوعا من التهديد للديمقراطية ... لذا عندما أتحدث مع قادة الشرطة والجيش أقول: أنظروا، علينا التعاطي مع هذه المشكلة بحذر شديد، لكن رجاءا لا مزيد من التعذيب ولا مزيد من المحاكمات غير العادلة كالتي كنا نجدها تحت الديكتاتوريات ... علينا أن نأخذ الأمر بجدية لكن بإلتزام تجاه قيم حقوق الإنسان... هم نظروا إلي – ربما يتسائلون إن كنت جادا – وأنا قلت لهم: نعم، أنا جاد ... نعم، أنا جاد ... لا مزيد من التعذيب في تونس...
أسانج: هل إطلعت على الملف الخاص بك في الاستخبارات والذي احتفظ به بن علي كونك الآن صرت رئيسا .. وسجلات التجسس عليك؟
المرزوقي: نعم ... لدي فضول كبير للحصول على هذا الملف لكن للحقيقة لم يكن لدي الوقت ... لكن لدي، أتعرف، لدي ملفات تتعلق بشخص هو الآن معارض للسلطة الحالية في تونس.. وقلت لن أستخدم هذا النوع من الأوراق ... لن اقوم بتهديد هذا الشخص بهذا النوع من الأدوات ... ولا أريد أن عرف ما حدث .. لا أريد ان أهدد خصما سياسيا بالأدوات ذاتها التي استخدمت ضدي ....
أسانج: إذن أنت تعتقد، كما تعلم، كويكيليكس كناشر، نحن بالطبع رأينا ماذا حدث في مصر عندما تم نهب أمن الدولة، المخابرات المصرية، وخرجت الملفات للعلن ... وبدأت تصف ما كان يحدث فعلا هناك ... كشخص تابع الثورة في مصر عن كثب ... وحاول كشف مواد عن مبارك وسليمان وهكذا ... أنا أعرف أن الثورة المصرية نجحت بطريقة مهمة عندما خرج أرشيف أمن الدولة أخيرا للعلن ... لقد كان ذلك نهاية... نهاية الشرطة السرية... او بداية فصل جديد من فصول الشرطة السرية... لذا يبدو لي أن الطريقة الصحيحة للتأكد من أن لا عودة للوراء هي كشف الأسرار الداخلية للنظام السابق للجميع .. والجميع يشارك في ذلك .. حتى ولو خلق ذلك نوعا من الأزمات في المجتمع....
أسانج: هل ستفتح الأرشيف التونسي؟
المرزوقي: نعم، للمؤرخين ... نعم، للمؤرخين ... لأني أعتقد بأننا يجب أن نفعل ذلك... إنه واجبنا... أن نعلم ماذا حدث ... لكنني لست مهتما لأحصل (متداركا) ... لأعلم من يكتب ... من كتب عني ... فذلك بلا فائدة ... أريد أن تكون عندي الصورة العامة ... ماذا حدث بالضبط ... كيف كان النظام ... لكنني غير مهتم بإدانة الناس والقول: أنتم فعلتم كذا وأنتم فعلتم هكذا ... لأن ذلك قد يكون خطر للغاية ... من المهم أن تعلم وتتذكر .. ولكن أحيانا من المهم ايضا ان لا تعلم وأن تنسى ....
أسانج: هل هناك ضغوط عليك من أشخاص آخرين ضمن الحكومة التونسية لإبقاء تلك الملفات مغلقة؟
المرزوقي: لا .. لا .. ليست هناك ضغوط .. إنه خياري ... خياري أن نكون حذرين للغاية لأنه .. مرة أخرى ... يجب علينا أن نعلم ولكن يجب علينا ايضا أن ننسى ونغفر ...
أسانج: أنت قلت من قبل بأن هناك خطوطا حمراء معينة فيما يتعلق بالمعلومات .. وأن الحقيقة أحيانا تكون جيدة ... وأحيانا تكون سيئة ... ومؤخرا قامت خدمة الإنترنت التونسية بحجب بعض المواقع .. لكن لكي تحجب موقعا واحدا فقط عليك أن تتجسس على كل طلب يقوم به شخص ما لترى ما إذا كنت بحاجة لرد هذا الطلب ... هل تعتقد أن ذلك هو الطريق الصحيح؟
المرزوقي: أتعلم ... أعتقد أن الرقابة على الإنترنت هي بلا جدوى ... أولا هي بلا جدوى، ومستحيلة، وذات نتائج عكسية... كناشط في مجال حقوق الإنسان... أنا أفضل الأعراض الجانبية لحرية التعبير الكاملة على النتائج الجيدة، إذا جاز لي القول، للرقابة ... لذا فإني ... أنا دائما ضد أي نوع من الرقابة على الإنترنت أو أي وسيلة أخرى من وسائل التعبير ...
أسانج: لقد تحدثت إلى حسن نصرالله قبل اسبوعين وسألته لماذا هناك اختلاف بين موقفه من سورية والموقف التونسي من سورية ... يبدو هناك تحول... حسن نصرالله غير متشدد تجاه سورية وتونس غير متشددة تجاه البحرين ... تونس قاسية تجاه سورية وحسن نصرالله قاس تجاه البحرين، تجاه الحكومة البحرينية والانتهاكات هناك.. لماذا الحال كذلك؟
المرزوقي: أعني ... الدكتاتورية التي يعاني منها الشعب السوري هي بالضبط كتلك التي كانت في تونس سابقا ... قبل الثورة ... ولذلك نحن نشعر بأننا قريبون جدا من الشعب السوري ... نحن نفهم بأنهم ... نفهم ما يشعرون به ... لأنهم يحاربون ضد الفساد، ضد البطش، ضد دولة الخوف، ونحن نشعر بكوننا قريبين جدا جدا منهم ... لأننا أحيانا نشعر أيضا بشيء من المسؤولية، لأنني ...يمكن لي القول بأنه لو لم تكن لدينا ثورة في تونس فمن المحتمل أنها ما كانت لتحدث في سورية أو في مصر... لذا فنحن نشعر بهذا النوع من المسؤولية ... نشعر بأننا قريبون .. نحن نفهم ونشعر بأن كفاحهم من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان هو كفاحنا... وعلينا مناصرتهم دون مبالاة ... نصرالله والأشخاص الآخرون مثله يعتقدون أن سورية... لأنها ضد إسرائيل فيمكنهم مسامحة تلك الديكتاتورية في كل شيء آخر ... لكننا هنا في تونس ليست لدينا تلك المشكلة... نحن لسنا مهتمين بالصراع بين سورية وإسرائيل... ما هو مهم بالنسبة لنا هو... هو أن الشعب يعاني مما عانينا بقسوة منه... لذلك نحن ندعم سورية كليا... الشعب السوري ضد طاغيته كما كافحنا ضد طاغيتنا... أنا أعني نحن هنا في تونس .. لدينا هنا في تونس أناس يناصرون الديكتاتورية السورية ... يقولون أنها ديكتاتورية وطنية ... ونحن نعلم أنه لا يوجد هناك ديكتاتور وطني .. ليست هناك دكتاتورية جيدة ... الديكتاتورية هي الديكتاتورية ... فاسدة، وحشية، وضد شعبها. أنا بحق لا أفهم موقف نصر الله .. يمكنني أن اقول لك أن نصر الله كان محبوبا جدا جدا بعد ألفين وستة .. بسبب المعركة ضد إسرائيل، لكن الآن، شعبيته انتهت تماما .. هنا في تونس وفي باقي العالم العربي ...
أسانج: أنت عرضت على حاكم سورية، بشار الأسد، اللجوء في تونس... لكن هل هذا حقا عرض ذو مصداقية؟
المرزوقي: ما هو مهم بالنسبة لنا أن يتوقف نزيف الدم في سورية ... هذا هو أهم شيء ... لهذا قلت بأن لدينا سيناريو وشيك ... يمكن أن يكون حلا جيدا للشعب السوري ... وقلت: لماذا لا يرحل هذا الشخص إلى روسيا؟ الروس قالوا: لسنا مهتمين باستضافته... ثم سألني صحفي: هل أنت مهتم باستضافة الرجل؟ قلت: بالطبع، إذا كان ذلك سيكون حلا ... لكنني أعلم أن الأسد لن يطلب أبدا اللجوء إلى تونس ... لذا فهو ليس سؤالا ذا مصداقية وليس موقفا ذا مصداقية.... بالطبع ... هو ربما يهرب إلى روسيا أو أي بلد آخر .. ولكن ليس إلى تونس.
أسانج: أنت استضفت ذاك المؤتمر موخرا ... مؤتمر أصدقاء سورية ... وكان بين الحاضرين هيلاري كلينتون وعدد من الشخصيات النافذة في الغرب والمنطقة ... المعلومات التي نشرناها مؤخرا تظهر أن القطاع الأمني الأمريكي .. يُعتقد أن هناك قوات خاصة أمريكية متواجدة في سورية وأن السلاح والمال يتسرب إلى سورية إلى المقاومة السورية. أنت قلت أنك لا تؤمن بالتدخل الأجنبي في سورية وأنك لا تؤمن أن على تونس تزويد المقاومة السورية بالسلاح ... لكن ماذا عن الدعم الاستخباراتي؟ ... ماذا عن التدريب؟ التدريب بالأسلحة داخل سورية؟ وهل ستوفر تونس قاعدة للمعارضة السورية؟
المرزوقي: كما قلت لك ... نحن لا ندعم أي نوع من التدخل الأجنبي في سورية... أنا أؤمن أن تسليح السوريين سيؤدي إلى حرب أهلية ... أعتقد أن ذلك ليس خيارا جيدا ... أنا لا أزال أؤمن أن الحل الوحيد لا بد أن يكون سياسي، وأننا يجب أن نجد أرضية مشتركة بين المعارضة والنظام ... انا لا أزال أؤمن أن الحل الوحيد هو السيناريو اليمني ... هذا هو موقفي وهذا هو موقف تونس، وبالتأكيد نحن ضد أي نوع من التدخل الأجنبي مهما كان مصدره...
أسانج: حزبك حصل على ثمانية وسبعة أعشار بالمئة من الأصوات في الانتخابات التونسية ... والأحزاب الأكثر إسلامية حصلت على سبعة وثلاثين بالمئة من الأصوات في الانتخابات نفسها ... لكنك تنال رضى ستين بالمئة من الرأي العام التونسي ... ما هي نسبة السلطة التي تعتقد أنك تملكها؟
المرزوقي: دعني أقول لك أولا أن الناس في الغرب يعتقدون أن في تونس ومصر الإسلام السياسي تغلب على الديمقراطية، والوضع كليا عكس ذلك ... أعتقد أننا هنا في تونس ... الجزء المركزي من هذا الطيف، الطيف الإسلامي، هو الآن جزء من المنظومة الديمقراطية واللعبة الديمقراطية ... لذا يمكنني القول بأن الديمقراطية متغلبة على الحركة الإسلامية لأن الاسلاميين أصبحوا ديمقراطيين، أما نحنن كقطاع لم نصبح إسلاميين، وهذا في غاية الأهمية.
أسانج: إذن هناك تحول؟
المرزوقي: لأنني متفاجئ جدا من الطريقة التي ينظر بها الناس في الغرب لتونس أو مصر ويقولون: "أنظر، الآن الإسلاميون في الحكومة ولديهم الأغلبية في البرلمان." نعم .. لديهم الأغلبية في البرلمان لكن في برلمان ديمقراطي ... وتم انتخابهم من خلال انتخابات ديمقراطية .. وهم الآن يلعبون جزءا من اللعبة الديمقراطية. ولهذا يمكنني القول بأن الديمقراطية متغلبة بعد الثورة وليس الإسلام السياسي ... حتى ولو كان الإسلاميون .. قد تم انتخابهم في الحكومة أكثر من العلمانيين ... هذا مهم مهم للغاية ... ما يهمني هو ... وما أعتقد أنه الأهم .. السلطة التي لدي رمزية .. لكن هنا في تونس يفترض أنني رئيس لكل التونسيين ... سواء الإسلاميين أم العلمانيين وأنا أحاول لعب هذا الدور .. دور أن أكون رئيسا لكل التونسيين، أناقش جميع الأحزاب السياسية، أحاول التقريب بينهم ... وهذا مهم جدا جدا وهو ... وهو حتى غير معلوم أن هذا هو الدور الأهم الذي ألعبه ...
أسانج: إذن، أتخيل أن ذلك صعب عليك للغاية ... الطريقة التي أرى بها الأشياء المتعلقة بالقادة الذين قابلتهم وتعاملت معهم ... إضافة إلى موقفي الشخصي، هناك الكثير من الخطوات الإجبارية التي على الواحد منهم أن يعانيها، الواحد منهم يجبر بوضع حدود للقدرة على التصرف، بطريقة حتى ضمير الواحد منهم يرغب بالتصرف بطريقة أخرى ... هل أنت متفاجئ من قلة السلطة بعد أن اصبحت رئيسا؟ قلة القدرة على الدفع بالبرنامج الذي تريد أن تدفع به؟ والتنازلات التي عليك القيام بها؟
المرزوقي: نعم ... أعتقد أنني أكتشف أن حقيقة أن تكون رئيس دولة ليس يعني أن تكون لديك كل السلطة ... والإحباط ربما هو الشعور الذي أحظى به كل يوم ... أستطيع أن أعطيك مثالا ... نحن الآن أمام مشكلة تتعلق بالبغدادي علي المحمودي .. أنت تعلم أنه في تونس ... وهو في إضراب عن الطعام مطالبا بإطلاق سراحه ... ولكنني لا استطيع إطلاق سراحه لأن ليبيا تطالب به ولدينا الكثير من المصالح المشتركة مع ليبيا ... لكن، تسليم هذا الرجل لليبيا معناه أنه قد يخضع لمحاكمة غير عادلة ... وأنا قلت لأصدقائي الليبيين أن شرف تونس وشرفي أنا كناشط في حقوق الإنسان .. لا يُمكّنني تسليم هذا الرجل إلى ليبيا وأنا أتعرض لضغوط شديدة من داخل البلاد وخارجها لتسليم هذا الرجل لليبيا ... وأنا اقول كل يوم: لا .. لا .. يجب أن نثبت على موقفنا، وهذا أمر صعب ... المزج بين مواقف الناشط في حقوق الإنسان ورئيس الدولة ...
أسانج: ماذا ايضا تغير بالنسبة لك؟
المرزوقي: حسنا، لا أعتقد أن ... أنا لا أزال الشخص ذاته .. أنا لا أزال الناشط في مجال حقوق الإنسان ... أنا لا أزال أؤمن بمبادئي وأسعى أن أكون مخلصا لها ... لذا أعتقد أنني لن أتغير ... وسأثبت على مواقفي .. طبعا في بعض الأحيان يكون ذلك في غاية الصعوبة .. عليك أن تتذكر (مستدركا) .. علي أن أتذكر دائما أنني رئيس دولة وأن أكون دائما حذرا عندما أتحدث وهذا أحيانا مؤلم للغاية لكنني لا أزال كما قلت لك، مقتنعا بأنني يجب أن أكون مخلصا لمبادئي والناس يتوقعون مني أن أكون كذلك ... أن أكون الشخص ذاته وأنا سأحاول... سأحول أن أكون رئيس الدولة التونسية .. والناشط في مجال حقوق الإنسان كما كنت دائما ...
أسانج: شكرا جزيلا السيد الرئيس ...
المرزوقي: كما قلت، أنا ممتن لكل ما قمت أنت به من ترويج لحقوق الإنسان، والحقيقة و ...... أنا معجب وداعم لجهودك ... وأتمنى لك الأفضل ... أتمنى أن أراك مرة في تونس إن كنت تستطيع ذلك. ستكون محل ترحيب في هذا البلد الديمقراطي الجديد ....
أسانج: شكرا لك... وشكرا على توفير الطاقم الذي ساعد في ترتيب كل هذا... خظا سعيدا ...
المرزوقي: شكرا لك، إذن وداعا وحظا سعيدا ...