العودة للصفحة الرئيسية

يمكنكم تحميل النص الكامل للمقابلة على الرابط التالي:

الشيفرات ودور الانترنت في ضمان الحريات الثلاث: حرية الاتصال والتواصل، حرية الحركة، وحرية التفاعل الاقتصادي واستغلال الحكومات ولاسيما في الانظمة الشمولية شبكة الانترنت للتجسس على المواطنين. ونورد أدناه نص المناقشة:

أسانج: هناك حرب مستعرة تجري حاليا على مستقبل مجتمعنا ... بالنسبة للغالبية فإن تلك الحرب غير مرئية ... فمن جانب، لدينا شبكة من الحكومات والشركات تجسس على كل شيء. ومن الجانب الآخر، هناك نشطاء"سايبر بانكس" الموهوبون الذين يبرمجون الشيفرات ويصنعون سياسات عامة... هذه هي الحركة التي ولدت ويكيليكس.

ينضم إلينا ثلاثة أصدقاء من نشطاء "سايبر بانكس": من ألمانيا، أندي مولر ماغوهن... من فرنسا، جيريمي زيمرمان...ومن الولايات المتحدة، جاكوب أبلباوم... أريد أن أسألهم، هل مستقبل العالم هومستقبل الإنترنت؟

أسانج: أريد أن أعود إلى الحريات الأساسية الثلاث ..

عندما قابلت حسن نصرالله زعيم حزب الله .. كان هناك سؤال حول ما إذا كان حزب الله ....

جاكوب: ما هو مكانه؟

أسانج: حسنا، هو أيضا واقع تحت نوع ما تحت الإقامة الجبرية .. لأنه لا يمكنه مغادرة موقعه السري ...

جاكوب: لست متأكدا من أنني أستطيع أن أجري هذه المقارنة .. أرجوك لا تجريها ..

جيرمي: تستطيع أن تحذف هذا، أليس كذلك؟

اسانج: أريد أن أعود إلى تلك الحريات الأساسية الثلاث: حرية الاتصال والتواصل، حرية الحركة، وحرية التفاعل الاقتصادي ... بالنظر إلى تلك الحريات وتحول المجتمع العالمي إلى الإنترنت ... فإن حرية الحركة لم تتأثر بطبيعة الحال .. بينما حرية الاتصال والتواصل تعززت بشكل كبير نظرا لتوفر الطرق الحديثة في الاتصال .. لكنها في جانب آخر تدهورت نظرا إلى عدم وجود خصوصية مستقلة.. اتصالاتنا وتفاعلاتنا يتم التجسس عليها وتخزينها، وربما استخدامها ضدنا ...

أندي: الخصوصية موجودة .. لكن لها ثمنها ..

أسانج: إذا وبنوع من العسكرة لتلك التفاعلات، يعاني تفاعلنا الاقتصادي من نفس التداعيات ..

أندي: جوليان، ما تقوله صحيح ... لكنني لست متأكدا من أنه يمكنك التمييز بين النقطة الثانية والثالثة .. لأن الإنترنت، كما هي الحال في أيامنا هذه، هي القاعدة الأساسية الاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية، والسياسية، بل وأمورنا كلها .. إذن، فإن المهندس الحقيقي لشبكات الاتصالات هو رأس المال .. وأعني بذلك أن ما نشهده هو مجرد استغلال للإنترنت ...

أسانج: أندي ... أنت درست لسنوات الهواتف المشفرة، والمكالمات المؤمنة، وعمليات الرصد الضخمة القائمة على كل الاتصالات ... أعني، ما هي المهارات المعنية إذا أخذنا في الاعتبار أن قطاع الرصد الضخم التابع لاستخبارات الحكومات معني باللعبة ...

أندي: حسنا، التخزين الهائل لجميع الاتصالات الهاتفية أصبح ...

أسانج: كل ما هو اتصال بالصوت؟

أندي: نعم .. كل ما هو اتصال صوتي، وكل اتصال بالإنترنت ... في الواقع .. لو تقارن بين الميزانية العسكرية وبين تكلفة الرصد والمحاربين الإلكترونيين .. فإن الأسلحة التقليدية تكلف أكثر بكثير من المحاربين الإلكترونيين ومن عمليات الرصد الضخمة .. الطرف الأخير يكلف اقل بكثير جدا من تكلفة طائرة حربية واحدة ...

أسانج: مائة مليون ...

جيريمي: نعم .. لكن هناك هنا قضيتان ... لدينا أيضا "إيغل" كمثال .. ذاك النظام الذي باعته الشركة الفرنسية "أميسي" لليبيا القذافي .. أتعلم .. في الأوراق، في الوثائق التجارية مكتوب "آلية اعتراض على المستوى الوطني" .. إذا فهو صندوق ضخم تضعه في مكان ما وتستمع بعدها لكل مكالمات الشعب .. لذا يمكن ايضا مناقشة التكنولوجيا هنا .. وأنا مهتم كثيرا بذلك ...

أسانج: وهذا كان ينظر له قبل عشر سنوات على أنه خيال .. كان ينظر له على أنه أمر لا يصدقه إلا شخص مريض بالهوس .. الآن أنخفضت تكلفته إلى مستوى أصبحت حتى دولة كليبيا بمحدودية مواردها قادرة على امتلاكه مزودا بتقنية فرنسية ..

جيرمي: بالضبط .. الآن اصبح ذلك واقعا .. التكنولوجيا أتاحت الرصد الكامل لكل أنواع الاتصال ... ومن ثم .. هناك الوجه الآخر للعملة .. وهو كيفية استخدام ذلك .. نستطيع الإقرار بأنه فيما يتعلق بالاستخدام التكتيكي فإن هناك بلا شك أوجه استخدام .. المحققون الذين يرصدون الأشخاص السيئين أو شبكاتهم ربما يحتاجون لتلك الأدوات تحت إشراف قضائي .. لكن السؤال هو: أين ترسم حدود ذلك الإشراف القضائي؟ .. أين يرسم الحد الذي يمكن للمواطنين العاديين استخدام تلك التكنولوجيا .. وهنا تكمن صناعة السياسات .. وعندما نصل إلى صنع السياسات، وقد أثرنا هذا الموضوع من قبل، فإن لديك سياسيون يُطلب منهم التوقيع على ورقة ما ولا يفهمون التكنولوجيا الكامنة في سطور تلك الورقة...

جاكوب: وهذا سبب ما نراه من ضجيج بشأن الحرب الإلكترونية .. وهو أن الأشخاص الذين يبدو أن لديهم سلطة الحرب بدأوا يتحدثون عن التكنولوجيا وكأنهم يفهمون ما هي .. وكل أولئك الأشخاص يتحدثون عن الحرب الإلكترونية، وليس بينهم أحد .. لا أحد .. يتحدث عن السلام الإلكتروني أو أي شيء متعلق بصناعة السلام بشكل عام .. هم يتحدثون عن الحرب على الدوام لأنها صنعتهم وهم يحاولون توضيف التكنولوجيا لذلك الغرض .. وعندما لا تكون لدينا سيطرة على هذه التكنولوجيا فإن الناس الراغبين في استغلالها لأغراضهم، وبالأخص للحروب، فإن التكنولوجيا هذه تصبح وصفة لشيء مرعب للغاية ...

اسانج: إذن فإن هناك الآن عسكرة للفضاء الإلكتروني لأن هناك اعتراض للاتصالات في كل اتجاه ..

جاكوب: أنظمة استهداف ..

أسانج: ولدينا هاكرز تم تجنيدهم يعملون في مجموعات ضخمة وباستخدام برامج لاستهداف مواقع في الإنترنت وللتجسس على مواقع أخرى ..

أندي: هل لي أن أعترض على استخدام كلمة "هاكرز" في هذا السياق .. أنت تتحدث عن جنود يستخدمون الحواسيب كوسائل عسكرية ... هؤلاء ليسوا هاكرز وأفعالهم ليست أفعال هاكرز ...

أسانج: حسنا، دعونا لا نخوض في تعريف "الهاكرز" .. النقطة متعلقة بحياة المدنيين ... نحن لا نرى دبابات تأتي إلى غرفة الاستراحة هذه، - أو ربما هذه الغرفة هي فعلا غرفة محصنة – لكنني أقصد أن أغلب الناس لا يرون دبابات أو فيروسات تأتي إلى غرفة الاستراحة الخاصة بهم أو على الطريق الجانبي ... لكننا الآن، فنحن نحمل معنا حياتنا الخاصة ونضعها بكل تفاصيلها على الفيسبوك .. ونقوم بالتواصل عن طريق الإنترنت ... ونتواصل بهواتف باتت الآن موصولة بالإنترنت .. والمؤسسة العسكرية لديها سيطرة، أو وكالات الاستخبارات لديها السيطرة على المعلومات وتدرسها .. وهذا نوع من العسكرة للحياة المدنية ...

أندي: بالتأكيد ...

جيرمي: هناك تساؤل حقيقي حول ما إذا كان يتوجب علينا أو لا يتوجب علينا تنظيم شراء أو امتلاك هذه التكنولوجيا أو استخدامها ... السلاح النووي مثلا .. لا يمكنك أن تبيع سلاحا نوويا .. وبعض الدول التي تحاول صنع هذا السلاح ستواجه مشاكل أو شيء من هذا القبيل ... فتلك تكنولوجيا خاضعة لتنظيمات .. وذلك يتم دائما فيما يتعلق بالمنظومات العسكرية .. لذا أعتقد أن النقاش يجب أن يكون حول ما إذا كان يمكن اعتبار التكنولوجيا التي نتحدث عنها هنا سلاحا أو لا ...

جاكوب: هي سلاح ... وليس هناك شك بأنها تستخدم كسلاح في مناطق كسورية أو ليبيا .. هم على وجه التحديد يستخدمون أدوات الرصد هذه لاستهداف النشطاء السياسيين في ليبيا .. هم أيضا يستهدفون بها أشخاصا في المملكة المتحدة باستخدام تكنولوجيا فرنسية محظور استخدامها في فرنسا .. يبيعونها وهم يعلمون كيف ستستخدم ...

أندي: هم لن يستخدموها الاستخدام الصحيح أبدا؟

جاكوب: لقد تم ضبطهم بذلك من خلال وثائقهم الداخلية المتعلقة بالتجسس .. أليس كذلك؟

أسانج: جيريمي ...

جيريمي: رجال الدولة والمدنيون هم بالفعل مهمون للغاية لمواجهة تحدي الديمقراطية والطريقة التي تدار بها .. لكن أيضا قد يكون الوقت مناسبا الآن لإثارة موضوع الرصد الذي تقوم به قطاعات خاصة .. ومن المحتمل أن يتحول هذا إلى عمليات رصد ضخمة وشاملة .. أنظر فقط إلى "غوغل" .. "غوغل" يعرف، في ماذا كنت مستخدما عاديا .. غوغل يعرف مع من تقوم بالاتصال، من هم معارفك، ما هي المجالات التي تبحث فيها، توجهاتك الجنسية، ديانتك وفلسفتك .. يعرف ذلك أكثر من أمك وربما أكثر مما تعرفه أنت عن نفسك .. "غوغل" يعرف متى تكون متصلا بالإنترنت ومتى لا تكون ....

أندي: هل تعرف أنت ما الذي كنت تنظر إليه على شاشتك قبل سنتين وثلاثة ايام وأربع ساعات .. أنت لا تعرف .. لكن "غوغل" يعرف، أليس كذلك؟

جيرمي: لا .. في الواقع أنا أحاول ألا استخدم غوغل لتلك الأسباب تحديدا ... ولكن ما أتحدث عنه ليس فقط عمليات الرصد والمراقبة التي ترعاها الدولة، ولكنها مسألة خصوصية ... الطريقة التي يتم التعامل بها مع البيانات من قبل أطراف ثالثة، والمعرفة التي تتكون لديهم عن طريق تلك البيانات ...

أسانج: يمكنك أيضا التحدث عن الفيسبوك، جيرمي ...

جيرمي: حسنا، في الواقع انا لا استخدم الفيسبوك لذلك أنا لا أعرف الكثير عنه... ولكن، لا، مع الفيسبوك تشاهد مؤخرا سلوكا للمستخدمين الذين هم في غاية السعادة لتسليم أي نوع من البيانات الشخصية ... وبالطبع عندما ترى المراهقين يرسلون صورا لهم وهم في حالة ثمالة أو ما شابه ... قد لا يكون لديهم التصور أن ذلك يعني أن العالم كله، ولفترة طويلة جدا، سيتاح له الحصول على هذه البيانات. وهكذا الفيسبوك يعمل عبر الخلط في الحد الفاصل بين هذه الخصوصية، وبين الأصدقاء، وبين الدعاية .. وهو يقوم بتخزين البيانات حتى عندما تعتقد أن المسموح لهم التطلع عليها هم فقط من أصدقائك وأحبائك ...

أسانج: هذا الخط الفاصل بين الحكومة والشركات، أعني الخط غير الواضح هذا، إذا نظرتم الى التوسع في قطاع الشركات المتعاقدة العسكرية في الغرب على مدى السنوات العشر الماضية. وكالة الأمن القومي التي هي أكبر وكالة تجسس في العالم لديها عشر شركات متعاقدة في المقام الأول تعمل معها الآن .. ومنذ عامين .. كان هناك ما يزيد على ألف شركة ... إذا هناك انتشار .. انتشار لمسح الحد الفاصل بين ما هو حكومي و ....

جيرمي : ويمكن القول أن وكالات التجسس الأميركية تصل إلى جميع البيانات المخزنة من قبل "غوغل" ....

أسانج: هم وصلوا ...

جيريمي: وجميع بيانات الفيسبوك ... لذلك، وبطريقة أو بأخرى قد يكون الفيسبوك وغوغل ربما ملحقات تابعة ...

أسانج: هل وصلك استدعاء للمحكمة؟

جاكوب: أنا أعرف أن ...

أسانج: حصلنا على اثنتين يوم أمس ...

جاكوب: فقط في قضية "تويتر" حتى الآن ... والتي للأسف لا أستطيع التحدث عنها لأنني لا أعيش في بلد حر في الواقع ...

أسانج: هذه الإجراءات لديها عامل إسكات أيضا؟ لقد تم اعتبار ذلك غير دستوري ... أليس ذلك؟

جاكوب: ربما ليس ذلك صائبا... تعرف في حالة قضية "تويتر" فمن المعروف أننا خسرنا القضية حين قلنا إن الكشف عن هذه البيانات للحكومة سوف تؤدي إلى أضرار لا يمكن إصلاحها .. وأن الحكومة لن تمحو تلك البيانات فور تلقيها إياها .. حينها قالت الحكومة، كما تعلمون، لقد تم رفض قضيتك، يجب على "تويتر" الكشف عن البيانات ... ونحن الآن في عملية الطعن في سرية جدولة القضايا على وجه التحديد، وأنا لا يمكن أن أتحدث عن ذلك لأننا نخوض عملية الطعن تلك ... ولكن كما هو الوضع الآن، وجدت المحكمة أن حجة الحكومة تكمن في أن المستخدم لا يجب أن يتوقع احترام خصوصيته على شبكة الانترنت عند الكشف عن معلوماته، عن طيب خاطر، لطرف ثالث .. وبالمناسبة، كل شخص على شبكة الانترنت هو طرف ثالث ... ودفعوا بأن ذلك يتماشى مع مبدأ الخصوصية في التعاملات المصرفية والاتصالات الهاتفية ... فأنت مثلا قمت بالكشف عن طيب خاطر، الرقم الخاص بك إلى شركة الهاتف بمجرد استخدامه، أليس كذلك؟

ولكن، أليس من الواضح أنني لا أتوقع خصوصية هنا عندما أطلب رقم هاتف ما ... أعني، أن حتى الاتصال يكون أقل درجة بالنسبة لجهاز الهاتف ... الناس لا يفهمون كيف تعمل شبكة الإنترنت. انهم حتى لا يفهمون شبكات الهواتف ... ولكن المحكمة قررت أن الحال متشابهة ... انه جنون مطلق أن نتصور أننا تخلينا عن كل بياناتنا الشخصية لهذه الشركات، وبعد ذلك أصبحت الشركات شرطة سرية .. حيث، في حالة الفيسبوك، فلدينا نوعا ما ديموقراطية في أننا نراقب ونرصد بعضنا البعض .. فبدلا من دفع الأموال رشوة للناس على طريقة جهاز مخابرات ألمانيا الشرقية في بلدكم، نحن نكافئهم بوصف أنهم جزء من ثقافة .. أتعلمون، هم الآن يرفعون دون أن يدروا تقارير عن أصدقائهم .. مثلا يقول أحدهم: فلان خطب فلانه ... أو فلان وفلانه افترقا ... أو، أنا أعرف إلى من ألجأ الآن ..... أليس كذلك؟ ..... وهذا هو الفرق بين تحديد خصوصية في إعدادات الموقع على شبكة الإنترنت، وبين خصوصية عن طريق تصاميم نظم آمنة فعلا ... أقصد عندما تعرف بأنه سيتم استهداف الناس .. وعندما تعلم أنهم يعيشون في ظل نظام يستهدف بشكل واضح مواطنيهن ثم يضع الفيسبوك مثلا سيرفراته في ليبيا القذافي، أو يضعها في سورية الأسد .. فإن ذلك لا مبالاة حقيقية ... لكن ورغم علمهم، بعض هذه الشركات لديها مسؤولية أخلاقية خطيرة تنبع من حقيقة أنهم بنوا هذه النظم وجعلوا الخيار الربحي هو الأساس فباعوا المستخدمين .. اللامبالاة ليست حتى بسبب صعوبات تقنية . ليس بسبب التكنولوجيا على الإطلاق .. بل هو يدور حول الاقتصاد ... وقرروا أنه من المهم أن يتعاونوا مع الدولة ويبيعوا المستخدمين وينتهكون حقهم في الخصوصية ... وأن يكونوا جزءا من نظام الرقابة، بحيث يدفع لهم مرة أخرى لكونهم جزءا من عالم الاستخبارات، ليكونوا جزءا من عالم السيطرة ذاك وليس العالم المقاوم له ... وعليه، قاموا بالتصميم، وأصبحوا جزءا منه، وأصبحوا شركاء مسؤولين.

أسانج: أريد أن أتطرق إلى مواضيع ألمس من خلالها الفارق بين منظور "السايفربانك" في الولايات المتحدة ومنظوره من وجهة النظر الأوروبية، وأعتقد أن ذلك مثير للاهتمام إلى حد بعيد ... إذا تحدثنا عن التعديل الدستوري الثاني في الولايات المتحدة والمتعلق بالحق في حمل السلاح ... شاهدت بعض لقطات الفيديو مؤخرا صورها أحد الأصدقاء في الولايات المتحدة .. كان هناك شعار فوق متجر أسلحة يقول: "الديمقراطية بوضع الذخيرة وتحميلها" ... وأن هذه هي الطريقة التي يمكنك التأكد من أنك لن تعود إلى زمن الأنظمة الشمولية .. والناس مسلحون. وإذا غضبوا بما فيه الكفاية، يأخذون ببساطة أسلحتهم ويستعيدون السيطرة بالقوة ... إذا نظرنا إلى هذا الإعلان، وعدنا بالذاكرة إلى زمن صناعة الشيفرات، رموز التشفير بحيث لا تستطيع الحكومة التجسس علينا .. هل كان ذلك بمثابة الذخيرة لنا في هذه الحرب الكبيرة التي خضناها في التسعينيات في محاولة لجعل التشفير متاح للجميع والتي فزنا بها في الواقع وإلى حد كبير ...

جاكوب: في الغرب؟

أسانج: نعم، في الغرب ... والتي كسبناها إلى حد كبير ونتائجها في كل متصفح الآن ... ربما لا تزال هناك طرق خلفية وعمليات تخريب بطرق مختلفة .. تلك الفكرة الكامنة في أنك لا تثق في الحكومة لتنفيذ السياسات التي تقول إنها تنفذها. وبالتالي يجب علينا توفير الأدوات الأساسية، أدوات التشفير التي نتحكم بها كنوع من استخدام القوة ... الحكومة مهما حاولت الوصول إلى بياناتك مهما حاولت... إذا "سايفر" موهوب … يمكنهم فقط أن يضعوا جهاز تنصت في منزلك أو ما شابه ....

جاكوب: قوة السلطة مستمدة من العنف ... الواحد منا يجب أن يعترف أنه في حالة التشفير، فإن أي قدر من العنف لن يحل مشكلة سببتها عملية حسابات رياضية... وهذا هو مفتاح مهم. وهذا لا يعني أنك لا يمكن أن تتعرض للتعذيب، وهذا لا يعني انهم لا يستطيعون محاولة زرع جهاز تنصت في منزلك .. ولكنه يعني أنهم حتى إن وجدوا رسالة مشفرة، فلا يهم إن كان لديهم قوة السلطة، فلن يتمكنوا من حل الشفرة ... هذا هو المهم مع أنه غير واضح للناس غير hgضليعين في التقنيات ... لو تمكن الجميع من التعامل مع البرمجيات وحل الشيفرات سيصبح الوضع مختلفا، وبطبيعة الحال حينها حتى الحكومة سوف تكون قادرة على حل تلك المسائل ... وهذا هو الفرق ...

أسانج: ولكن ذلك أصبح واقعا، أصبح حقيقة، كأن تقول مثلا إن الجميع بات يعرف كيف يصنع قنابل ذرية، أو أن بإمكانك خلق مشاكل ضخمة حتى أقوى الدول لا يمكنها التعامل معها بشكل مباشر .. أعتقد أن هذا بات جذابا جدا ،خصوصا بالنسبة للمدافعين عن الحريات في ولاية كاليفورنيا وغيرهم ممن يعتقدون ان الديمقراطية تتمثل بوضع الذخيرة وتحميلها، وهنا لدينا وسيلة ذكية جدا للقيام بذلك عبر عدد قليل من الأفراد مع تشفير يمكنهم الوقوف في وجه القوة الكاملة لأعظم دولة في العالم، ونحن نفعل ذلك نوعا ما .. ولكني أتساءل ... لدي رأي مفاده أن النتيجة المرجحة هي أن تلك القوى الاقتصادية الكبرى، وتلك القوى السياسية الكبرى كما ذكر جيرمي .. وأن كفاءة تلك القوى بالمقارنة مع البشر العاديين يعني أننا سنصل ببطء وفي نهاية المطاف إلى مجتمع شمولي عالمي .. وأننا سنخضع للرصد والمراقبة من قبل طاغية .. وذلك ربما أن آخر الناس الذين سيعيشون أحرارا هم أولئك الناس الذين يفهمون كيفية استخدام هذه التكنولوجيا ... التشفير للدفاع ضد عمليات الرصد والمراقبة الضخمة والشاملة ... هل نحن نسير باتجاه هذا السيناريو؟

جيريمي: بادئ ذي بدء، إذا نظرتم إلى ذلك من منظور السوق وأنا مقتنع بأن هناك خصوصية التسويق التي قد تركت في معظمها غير مستكشفة، لذا ربما سيكون هناك دافع اقتصادي للشركات لتطوير أدوات من شأنها أن تعطي المستخدمين القدرة الفردية للسيطرة على بياناتهم ... ربما هذا هو أحد السبل التي يمكننا بها حل هذه المشكلة، لست متأكدا من أن ذلك يكفي وحده، بل قد يحدث هذا ونحن لا نعرف ... كما أنه من المثير للاهتمام معرفة ما وصفته بقوة "الهاكرز"، "الهاكرز" بالمعنى الصحيح للمصطلح - وليس المعنى الإجرامي ... "الهاكر" هو متحمس للتكنولوجيا، هو شخص يحب أن يفهم كيف تعمل تلك التكنولوجيا لكي لا يعلق بها ولكي يجعلها تعمل على نحو أفضل... أنا افترض أنكم ايضا عندما كنتم في الخامسة أو السابعة وكان بيدكم مفك، كنتم تحاولون فتح الأجهزة لمعرفة كيف هي عليه من الداخل أليس كذلك؟ هكذا "الهاكر" أيضا .. و"الهاكرز" قاموا ببناء شبكة الإنترنت لأسباب كثيرة، منها أيضا المتعة .. وقاموا بتطويرها بحيث جعلوا شبكة الإنترنت متوفرة لكل شخص .. حتى رأت شركات مثل غوغل وفيسبوك الفرصة لبناء نماذج أعمال على أساس الاستحواذ على البيانات الشخصية للمستخدمين .. لكننا لا زلنا نلحظ شكلا من أشكال السلطة في أيدي القراصنة، وما يثير اهتمامي هذه الأيام هو أننا بدأنا نرى أن "الهاكرز" اصبح لهم تأثير وقوة حتى في المجالات السياسية.

أسانج: هذا هو التطرف السياسي لشباب الانترنت على مدى العامين الماضيين خصوصا ... كنت قد تحدثت لأناس في جميع أنحاء العالم يريدون أن تكون هوياتهم بيانات خاصة بهم .. يريدون خصوصية لبياناتهم أمام حكوماتهم .. وتلك ظاهرة شوهدت في العديد من البلدان .. هل هذا ذو أهمية؟

جاكوب: بالتأكيد .. أعتقد أنه أمر مهم للغاية ... ذهبت إلى تونس بعد سقوط نظام بن علي .. ترى أن هناك نوعا من الوعي بذلك .. أعتقد أنك من الخطأ أن تقول أن ما حدث حدث في العامين الماضيين فقط، وأنا آسف أنني أصحح لك في البرنامج الخاص بك، لكنك جزء من جيل حركة التطرف التي أنا منها، أنا الجيل الثالث من "السايفربانك" .. وأنت تعرف العمل الذي قمت به أنت و/رالف/ فيما يتعلق بنظام ملفات "الربرهوز" .. كان ذلك الذي ألهمني للعمل على نظم التشفير، وكنت تعرف أن ملف التشفير الذي برمجه /رالف/ كان ردا على صلاحيات سلطات التحقيق في المملكة المتحدة حيث أن الدولة قد إتخذت حينها في مسألة التشفير قرارات سيئة، حيث بات من صلاحيات التحقيق سرقة كلمة السر الخاصة بك ... وكما في حالة جوليان، عندما بين أن الأنظمة القمعية تقوم بتعذيب الناس للحصول على كلمة السر الخاصة بهم .. حتى صرت تخلق كلمات سر مختلفة من أجل مقاومة التعذيب ... وأدركت عندما رأيت أن هذا يحدث .. بأنه يمكنك استخدام التكنولوجيا لتمكين كل الناس البسطاء ولتغيير العالم ... "السايفربانك" حركة قديمة جدا .. هي حقا حركة أقدم من ذلك بكثير ... أتتذكر القائمة البريدية القديمة، قائمة "السايفربانك" البريدية مع /تيم ماي/ حيث كان الواحد يتمكن من قراءة مشاركاته القديمة على قائمة "السايفربانك" البريدية ... يعني أن هذا هو ما جعل جيلا كاملا أكثر تطرفا لأن الناس أدركوا أنهم ليسوا فرادى .. وأنه يمكن أن يخصصوا بعض الوقت لكتابة بعض البرامج التي يمكنها تمكين الملايين من الناس .. ومن هنا وبفضل بعض التطورات غير المقصودة بات لدينا هذه الحالة الآن .. فالناس الذين أنشأوا غوغل، لم يكونوا يتخيلون أنهم ينشأون أكبر آلة مراقبة ... ولكن في الواقع هذا ما تم إنشاؤه ... وحالما يدرك الناس ذلك ... سوف يبدأون في إرسال رسائل كتلك الرسائل لوكالة الأمن القومي، أليس كذلك؟

جيريمي: أعتقد أن هناك ثلاث نقاط مهمة في ما قلته للتو .....

جاكوب: ثلاث فقط!

جيريمي: نعم، من بين أمور أخرى ....

واحد منها هو النظام الاستبدادي ومدى القوى التي لدى النظم الاستبدادية في عصر التكنولوجيا الرقمية. كان ذلك واضحا في حالة نظام بن علي ... نظم كثيرة يمكنها باعتبارات العصر، أن تقرر ما يمكن للناس معرفته، أو مع من يستطيعون التواصل ... وهذه قوة هائلة، وينبغي أن يتم التصدي لها ... وشبكة الانترنت، شبكة إنترنت حرة، هي أداة من أدوات ذلك التصدي .. الأمر الآخر هو أنك، ضمن مجال اختصاصك هو بناء أدوات لبناء تكنولوجيا أفضل .. تكنولوجيا يمكنها إيجاد الحلول لمشاكل مثل الرقابة .. أدوات هي في الأساس جزء من تلك البنية التحتية التي تساعدنا على الإطاحة بالديكتاتوريين ... والنقطة الأخرى ... هي الدعاية السياسية التي تستخدم كل يوم من قبل السياسيين ... تستخدم من خلال وسائل الإعلام .. بأننا جميعا سيقتلنا الإرهاب، لذلك نحن بحاجة إلى قانون الوطنية (القانون الذي يتيح لحكومة الولايات المتحدة التجسس على مواطنيها دون حاجة لترخيص قضائي وتم تبنيه بعد اسبوع من الحادي عشر من سبتمبر)... وأن المواد الإباحية حول الأطفال منتشرة في الإنترنت وأن المعتدين على الأطفال النازيين منتشرين في شبكة الإنترنت ... وأننا بسبب كل ذلك، بحاجة إلى رقابة [ضحك] ...

جاكوب: اللعنة على أولئك...

جيريمي: على المعتدين على الأطفال النازيين!!! paedonazi.com محجوز بالفعل ... والفنانون سيقتلون، ولن تكون هناك سينما ... لذلك نحن بحاجة إلى إعطاء هوليوود القوة لفرض رقابة على شبكة الانترنت وهلم جرا ... لذلك أعتقد، وهنا مرة أخرى تكون الانترنت أداة، وأنها قد تكون الترياق للدعاية السياسية. الدعاية السياسية تعتمد على الانفعالية .. وتعتمد على التأثير في المدى القصير ولفترة قصيرة للغاية. معلومة تظهر وتختفي بعد أربع وعشرين ساعة وتحل محلها معلومة أخرى .. وهلم جرا. مع شبكة الانترنت، أشعر بأننا نعمل على بناء ما أسميه زمن الإنترنت ... شبكة إنترنت عظيمة لا تنسى أبدا، يمكننا أن نصممها على مدى سنوات، يوما بيوم ... ننشئ ملفا ونوسعه ... هذا هو ما كنا نقوم به على مدى السنوات الثلاث الماضية مع ACTA. لذلك نحن نصوغ خطنا السياسي الخاص في زمن الانترنت، نناصر التحليل الدقيق، نناصر العمل الشاق، نناصر ربط الناس معا ...

أسانج: نحن فزنا في الجدل حول الفكرة ولكن وراء الكواليس، قد وضعت المعاهدات الثنائية السرية التي تصل لتحقيق نفس النتيجة بأي شكل من الأشكال ....

جاكوب: الشيء الوحيد الذي أعتقد أنه يجب الإشارة إليه أن الأشخاص الذين يقفون ضد ACTA هم في الواقع يستخدمون التكنولوجيا التي تمكنهم من المقاومة ... لكنها في الواقع مكان للأشخاص العاديين والتكنو-ضجيج هذا ليس هو المهم ... ما يهم هو أن الناس فعلا المشاركة في هذه الفكرة، ويشاركون في التغيير حيث لا يزال لديهم القدرة على القيام بذلك .. والجانب الإنساني هو في الواقع الجزء الأكثر أهمية من ذلك ... وحقيقة أن ويكيليكس نشرت وثائق تساعد على ذلك ... تبادل المعلومات هو المهم لكن أيضا الناس التي تأخذ هذه المعلومات مهمة وتتحرك على اساسها لكي يظل لدينا، على الأقل، الجدل بأننا نعيش في ديمقراطية، بأننا أحرار، وأننا نحكم بالتراضي .. حينها سيفهم الجميع ما يجري، وسيكون من الصعب جدا أن يمرر هؤلاء القوانين من دون موافقة أولئك المحكومين ...

جيرمي: إن متعلق بزيادة التكلفة السياسية لاتخاذ ذلك النوع من القرارات السيئة ... ويمكننا أن نفعل ذلك بشكل جماعي مع شبكة إنترنت حرة ومجانية ... طالما هي بين أيدينا.

جاكوب : انتظر...

جيرمي : قبل التحول الى الامور السلبية رجاء.